الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجبُ عليكم أولاً أن تحرصوا على وحدة الكلمة، واجتماع الصف، وأن تحرصوا على أن تكون هذه الوحدة على وفق ما تقتضيه أدلة الشرع امتثالاً لقوله عز وجل : وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ. {آل عمران:103}.
فعليكم أن تبينوا للناس أن المعتبر في ثبوت الهلال هو الرؤية الشرعية، وأن ثبوت دخول الشهور وخروجها يكونُ بشهادة الشهود العدول، ولا مدخل في ذلك لحساب الحاسبين، وقد بينا دلائل هذه المسألة، وأقوال أهل العلم فيها، وأنه إجماع السلف في الفتوى رقم: 114671.
ثم إذا ثبت عندك بالرؤية أن الشهر قد خرج وأن اليوم عيد، فالواجبُ عليك العمل بما دلت عليه الرؤيا، فتصلي العيد مع من يصلون في ذلك اليوم، وأما صلاتك من الغد مع الذين يعملون بالحساب فلا نرى لك هذا، لما فيه من إقرارهم على العمل بالحساب وهو باطلٌ شرعاً، ولكن إن ترتب على تركك الصلاة معهم مفسدة راجحة جاز لك أن تصلي معهم، وتكون صلاتك هذه نافلة وزيادة خير كما نص على ذلك الشافعي فيمن رأى الهلال وحده، أو رأوا الهلال فلم تُقبل شهادتهم، فإنه يستسر بالفطر ويصلي العيد وحده، ثم يخرج من الغد فيصلي العيد مع الناس. قال رحمه الله: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أو أَكْثَرُ فلم يُعْرَفُوا بِعَدْلٍ أو جُرِحُوا، فَلَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، وَأَحَبُّ لهم أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ لِأَنْفُسِهِمْ جَمَاعَةً وفرادى مُسْتَتِرِينَ، وَنَهَيْتهمْ أَنْ يُصَلُّوهَا ظَاهِرِينَ وَإِنَّمَا أَمَرْتهمْ أَنْ يُصَلُّوا مُسْتَتِرِينَ وَنَهَيْتهمْ أَنْ يصلوها-يصلوا- ظَاهِرِينَ لِئَلَّا يُنْكَرَ عليهم وَيَطْمَعَ أَهْلُ الْفُرْقَةِ في فِرَاقِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ. قال: وَهَكَذَا لو شَهِدَ وَاحِدٌ فلم يَعْدِلْ لم يَسَعْهُ إلَّا الْفِطْرُ ويخفي فِطْرَهُ لِئَلَّا يُسِيءَ أَحَدٌ الظَّنَّ بِهِ ، ويصلي الْعِيدَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْدُ إنْ شَاءَ الْعِيدَ مع الْجَمَاعَةِ فَيَكُونُ نَافِلَةً خَيْرًا له.انتهى.
ولكن متى لم توجد هذه المفسدة -وهذا هو الظاهر- فإنكم تصلون العيد في يوم ثبوته بالرؤية، ولا تلتفتون إلى قول من يخالف ذلك فيعمل بالحساب.
والله أعلم.