الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الإيمان بالله تعالى لا يجب على طالبه البحث عن دليل إعجاز بلاغي أو علمي، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الإسلام ممن آمن برسالته ولم يطالبه بالبحث عن دليل إعجازي، لكن الاطلاع على إعجاز القرآن أمر مهم وهو مما يزيد الإيمان.
وأما دعوى عدم وجود الفرق بين القرآن والشعر فهو باطل، ويدل لبطلانه أن أقحاح العرب لما سمعوا القرآن أكدوا بأنه لا يشبه الشعر.
فقد قال الوليد بن المغيرة أحد زعماء الكفر في مكة مجيبا لقريش في شأن القرآن: ما فيكم رجل أعلم مني بالشعر ولا بزجره، ولا بقصيده، ولابأشعار الجن، ووالله ما يشبه الذي يقوله محمد شيئا من هذا، ووالله إن لقوله حلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمنير أعلاه، مشرق أسفله, وإنه ليعلو ولا يعلى، وإنه ليحطم ما تحته. انتهى.
ثم إنه لو كان القرآن مثل الشعر لما عجز بلغاء العرب وفصحاؤهم عن محاكاته، فقد تحداهم الله تعالى بالإتيان بمثله فعجزوا، ثم تحداهم بالإتيان بعشر سور مثله فعجزوا، وتحداهم بسورة مثله، ثم أخبر الله عن عجزهم الأبدي فقال الله تعالى: قل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا.{الإسراء:88}.
فأي تحد أكبر من هذا، وهذا التحدي لا يزال قائما والشعر العربي ينبغ فيه شعراء بين كل حين وحين، وفيهم من ناصب الإسلام العداء، فإذا كان القرآن مثل الشعر فلم لم يأت أحد هؤلاء بشعر على قدر أقصر سورة من سورة القرآن ويريح نفسه ومن هم على شاكلته!!
والله أعلم.