الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الريالات التي التقطها هذا الصبي تجري عليها أحكام اللقطة، فإن كانت يسيرة في العرف بحيثُ لا تتبعها همة أوساط الناس لم يجب تعريفها، وجاز لملتقطها أن يتملكها، وانظر الفتويين رقم: 63759، 46279.
ومن ثمّ فالواجبُ عليك دفعُ هذا المال إلى هذا الصبي لأنه واجده فثبت عليه ملكه .
وأما إن كانت هذه اللقطةُ مما يجبُ تعريفه، وهي ما تتبعه همة أوساط الناس، فإن تعريفها واجبٌ على ولي الصبي، وتدخلُ في ملك الصبي بعد مضي الحول.
قال الخرقي: وإن كان الذي وجد اللقطة سفيها أو طفلا قام وليه بتعريفها، فإن تمت السنة ضمها إلى مال واجدها.
قال ابن قدامة شارحاً لهذه المسألة : وجملة ذلك أن الصبي والمجنون والسفيه إذا التقط أحدهم لقطة ثبتت يده عليها لعموم الأخبار، ولأن هذا تكسب فصح منه كالاصطياد، والاحتطاب، وإن تلفت في يده بغير تفريط فلا ضمان عليه ،لأنه أخذ ما له أخذه، وإن تلفت بتفريطه ضمنها في ماله، وإذا علم بها وليه لزمه أخذها لأنه ليس من أهل الحفظ والأمانة، فإن تركها في يده ضمنها، لأنه يلزمه حفظ ما يتعلق به حق الصبي، وهذا يتعلق به حقه، فإذا تركها في يده كان مضيعا لها، وإذا أخذها الولي عرفها لأن واجدها ليس من أهل التعريف، فإذا انقضت مدة التعريف دخلت في ملك واجدها، لأن سبب الملك تم شرطه فيثبت الملك له، كما لو اصطاد صيدا، وهذا مذهب الشافعي. انتهى.
ومن ثم فالواجبُ عليك دفعُ هذه اللقطة إلى ولي الصبي، ليقوم بتعريفها مُدة السنة، فإذا انقضت السنةُ، دخلت في ملك ذلك الصبي، ولا يجوزُ لك أن تتصدق بها في كلا الحالين، لأنها إن كانت يسيرة فمالكها معلومٌ وهو ذلك الصبي، فتدفعها إلى من يقوم بحفظ ماله وهو وليه، وإن كانت كثيرة، وجب تعريفهاعلى ملتقطها أو من يقوم مقامه سنة، ولم يجز التصدق بها .
وعليه، فالواجبُ عليك على كل حال دفعُ هذا المال إلى ولي الصبي، لكي تبرأ ذمتك، وتخرجُ من عهدة أخذ ما ليس لك، ولا تخشى الناس، فإن الله أحق أن تخشاه، ولا تظن أنك إن فعلت ما أمرك الله به ظن الناس بك السوء، فإن طاعة الله عز وجل سببُ الخير في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.