الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن لكليكما حقا على الآخر، ولهذا فإن ابن أخيك هذا قد أخطأ، وتعرض لغضب الله عندما أقدم على قطيعتك، فإن العمة من الأرحام التي تجب صلتها وتحرم قطيعتها، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 57246.
هذا بالإضافة إلى أنك بمجاورتك له في البيت قد جمعت فوق هذا حق الجار، فصار حقك عليه من ثلاث جهات جهة الدين وجهة الرحم وجهة الجوار.
ومع هذا فلا يجوز لك أن تقابلي خطأه بخطأ، وقطيعتك له أيضا محرمة لأن ابن الأخ من الأرحام التي تجب صلتها كما بيناه في الفتوى المحال عليها سابقا، هذا بالإضافة إلى أنه جار لك والجار له حق وإن جار.
فعليك أن تبادري بصلته، وأن تصلحي ما بينك وبينه، فقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ {الأنفال: 1} وقال سبحانه: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {النساء: 1}.أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها فإن قطعها من أعظم المحرمات، لقوله سبحانه: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ { محمد: 22-23}. وليس الواصل الذي يصل من وصله ويحسن إلى من أحسن إليه فحسب، فهذا مكافأة، وإنما الواصل الذي يصل من قطعه ويحسن إلى من اساء إليه، روى البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
واعلمي أنك بهذا تفوزين برضا الله سبحانه وعونه، ففي صحيح مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك. وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
والله أعلم.