الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمدُ لله الذي منّ عليكِ بما ذكرت من العافية، ونسأله تعالى أن يتم عليك نعمته، وقد بينا مراراً وتكراراً أن علاج الوساوس هو الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، فعليكِ أولاً إذا أردت التماثل من هذا المرض أن تقوي إرادتك، وتصححي عزيمتك، فإن الذي أذهب عنكِ جُل هذا الداء، قادرٌ على أن يتم عليك النعمة بإذهاب باقيه، فاستعيني بالله تبارك وتعالى، وفوضي أمرك إليه، وتوكلي عليه سبحانه، وأكثري من الدعاء بإخلاصٍ وصدق، واستعيني بمراجعة الأطباء الثقات، كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا، وستجدين خيراً كثيراً إن شاء الله.
ثم اعلمي أن حفاظكِ على الصلوات في أوقاتها، وإكثارك من الذكر وقراءة القرآن من أعظم ما يُستعان به على ذهاب تلك الوساوس، فعليكِ بالفكر فيما ينفعك في أمر دُنياك وآخرتك، واجتهدي في طرد تلك الخواطر الشيطانية، وإبدالها بالخواطر الرحمانية.
وأما ما ذكرته من جمعكِ للصلوات فلا نرى ما يسوغه، وقد ذكرتِ أن هذه الخواطر والوساوس تأتيكِ بعد العشاء، فما موجبُ جمعكِ للصلوات وتأخيركِ لها؟!.
وما ذكرته من أمر الدراسة ومسؤوليات الأولاد لا يسوغ تأخير الصلاة، والجمع بين الصلوات من غير عذر، فعليكِ أيتها الأخت الفاضلة أن تبادري بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل، وأن تحرصي على فعل الصلوات في أوقاتها، فإن ذلك من أكبر أسباب تيسير أمورك، ورفع البلاء عنكِ بإذن الله.
ثم اعلمي أن مجرد الخواطر والوساوس في هذه الأمور الذي ذكرتها ليس موجباً للغسل، بل إن لم يخرج منك شيءٌ جراء هذه الوساوس فإن طهارتكِ لا تنتقض، وإن خرج منكِ شيء، فإن كان الخارجُ مذياً وجب عليك تطهير بدنك وثيابك منه ثم الوضوء فقط، وإن كان منياً وجب عليكِ الاغتسال، ولمعرفة الفرق بين مني المرأة ومذيها انظري الفتوى رقم: 45075، 110007.
فإذا عرفتِ هذا سَهُلَ عليكِ الأمر، وأمكنك التفريق بين المذي الموجب للوضوء، وهو يخرج غالبا عند التفكير في هذه الأمور، وبين المني الموجب للغسل.
واعلمي أنكِ لا تأثمين بهذه الوساوس والأفكار، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ. متفقٌ عليه.
ثم إنك مغلوبةٌ على هذه الأفكار، فالحرجُ مرفوعٌ عنك لكن عليكِ أن تجاهدي نفسك في محاولة القضاء عليها.
ونسأل الله لنا ولكِ التثبيت والإعانة.
والله أعلم.