الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأولى أن يلجأ الزوجان إلى الحوار والنقاش الهادئ حتى يتجاوزا ما يحدث بينهما من خلاف أو شقاق، وأن يحاول كل طرف أن يسترضي صاحبه حتى ولو كان مظلوما، فبذا تدوم العشرة والمودة بينهما، وتضيق هوة الخلاف والشقاق. قال أبو الدرداء رضي الله عنه لزوجته : إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب.
ومع ذلك فلا حرج على الزوج إن هو خاف على نفسه أن يغلبه غضبه وانفعاله فيحدث ما لا تحمد عقباه أن يخرج من البيت إلى أن يسكت عنه الغضب، ثم يرجع ليرضي زوجته أو ترضيه، ففي صحيح البخاري عن سهل بن سعد قال : جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت فقال ( أين ابن عمك ) . قالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج، فلم يقل عندي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان ( أنظر أين هو ) . فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول: قم أبا تراب. قم أبا تراب.
وجاء في فتح الباري: قال ابن بطال: وفيه أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع عليه البشر من الغضب، وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته ولا يعاب عليه. قلت ويحتمل أن يكون سبب خروج علي خشية أن يبدو منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة رضي الله عنهما فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل منهما. انتهى.
والله أعلم.