الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان الأمر كما ذكرت من عرض شريكك لشراء نصيبك بسعر محدد وقد قبلت وباركت له في الصفقة، ولم يبد اعتراضًا حتى انفض المجلس، وذهب إلى أهله، فالبيع صحيح لازم، وليس له التراجع عنه إلا إذا أقلته.
لأن البيع منوط بالرضا، وقد تم التراضي بينكما في مجلس العقد، فلا ينفعه ندمه بعد ذلك، ولا يؤثر في صحة البيع ولزومه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.. متفق عليه.
وأما ما حكم به من تحاكمتما إليه، فلا ندري وجه حكمه؟ وهل هو قاض ترافعتما أمامه أو حكم اتفقتما عليه؟ وهل يصلح للتحكيم من حيث العلم والعدالة إليه؟ وهل بنى حكمه بعدم تمام البيع على رأي فقهي وقول معتبر، فيلزم الأخذ به، لأن حكم القاضي يرفع الخلاف، أم هو مجرد مفت عرضتما عليه المسألة فأفتى بما ظهر له؟ فلا يلزم الأخذ بفتواه.
لكن ننبه إلى أن القاضي إنما يقضي بناء على ما يسمع من الخصوم، وقد يكون أحد الخصمين أبلغ من الثاني، وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها رواه البخاري. ومثله في ذلك المفتي.
فحكم القاضي وفتوى المفتي إنما تكون بحسب الظاهر، وما يفهم من حجج الخصوم، وسؤال المستفتين، فلا عذر فيها أمام الله لمن يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما حكم له به أو أفتي
وللفائدة انظر الفتاوى التالية: 5592، 48130، 20210.
والله أعلم.