الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنّ برّ الوالدين وطاعتهما في المعروف من أوجب الواجبات، ومن أعظم القربات، ومن أهم أسباب رضا الله، كما أن عقوقهما من أعظم الذنوب، ومن أهم أسباب سخط الله.
أما عن سؤالك، فإذا كان زوجك يتضررّ بطاعته لوالديه في العمل في الجامعة، فعليه أن يبذل جهده ليقنعهما بما يريد، فإن رفضا، فلا يجب عليه طاعتهما في ذلك لأن ما يضرّ بالابن ليس من المعروف الذي تجب الطاعة فيه. قال العدوي المالكي: قوله -بالمعروف- أي بكل ما عرف من الشرع الإذن فيه...، قوله - مما هو مباح- أي ما لم يكن في فعله ضرر فتسقط طاعتهما فيه. حاشية العدوي.
كما أنّ أمرهما له بالرجوع إلى بلده لرعاية أخته لا يجب عليه طاعتهما فيه، فإنّه يجوز للولد أن يسافر للتجارة بغير إذن والديه ما لم يكن في سفره خوف عليه من الهلاك.
قال ابن نجيم الحنفي: وَأَمَّا سَفَرُ التِّجَارَةِ وَالْحَجِّ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَالِدَيْهِ لِأَنَّهُ ليس فيه خَوْفُ هَلَاكِهِ. البحر الرائق.
وقال الأنصاري الشافعي: أَمَّا السَّفَرُ الَّذِي يَغْلِبُ فِيهِ الْأَمْنُ فَلَا مَنْعَ مِنْهُ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَيْ لَا يَنْقَطِعَ مَعَاشُهُ وَيَضْطَرِبَ أَمْرُهُ. شرح البهجة الوردية.
فإذا جاز للابن أن لا يطيع والديه في منعهما له من السفر فمن باب أولى أن يجوز له ذلك في أمرهما له به.
وإذا كانت إقامة هذه الأخت في بلدها غير مأمونة الفتنة فالواجب أن تسكن مع أحد محارمها، كعمها أو خالها، إذا أمكن ذلك، وإذا لم يمكن ذلك، فتسكن مع امرأة صالحة.
وننبّه إلى أنّ الغالب أنّ الوالدين يحرصان على كلّ خير لولدهما ولو ظنّ هو خلاف ذلك، وليعلم أنّ في طاعتهما أعظم المصالح الدينية والدنيوية، وما يفقده من أمور الدنيا بسبب طاعته لهما فسوف يبدله الله خيراً منه، فإنّ برّ الوالدين من أعظم أسباب البركة في العمر والرزق.
والله أعلم.