الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي ننصحك به هو أن تتلطف في معاملتك مع زوج أبيك، وأن تبالغ في الإحسان إليها وصلتها، فإن ذلك من برك بأبيك بعد موته، واحذر أن تجعل عرض الدنيا الزائل سبيلا لتقطيع أواصر الرحم والمودة بينكم.
ولكن لا يعني هذا التنازل عن حقك أو تركه لها، كلا، فالصلة شيء واستيفاء الحقوق شيء آخر، ولا تضاد بينهما.
وإنا ننصحك بأن تقصد بعض أهل الخير والعلم ممن لهم وجاهة عند الناس وتطلب منهم أن يتدخلوا لتقسيم هذه التركة بينكم على وفق شرع الله سبحانه.
فإن لم يجد هذا نفعا، ووجدت تعنتا من جهتها، فلا حرج عليك حينئذ في اللجوء للقضاء ولا يعد هذا من باب الإساءة أو قطيعة الرحم في شيء، بل قد نص بعض الفقهاء على أن مقاضاة الولد لوالده لاستيفاء حقه لا يعد من قبيل العقوق، استنادا لما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي يزيد معن بن يزيد السلمي قال: كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يا معن.
قال الحافظ في الفتح: وفيه جواز التحاكم بين الأب والابن، وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقا. اهــ.
والله أعلم.