الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الأولى بأهلك أن لا يعتبوا عليك بهذه الدرجة من العتب، ولكن يجب عليك العلم أن أخطاء أبويك نحوك لا تبرر لك معاملتهم بالمثل، فحقهم عليك كبير ولو أساءوا لك كل إساءة، ثم عليك أن تعلم أيضا أن ما كان من أهلك من ترك دعوة زوجتك ليس من الإهانة لها، ولا يفهم منه قصد الإساءة إليها، فالغالب أنّ المقربين من الأهل لا يحتاجون إلى دعوة، والواجب إحسان الظن بالمسلمين وحمل أفعالهم على أحسن الوجوه، وعلى فرض أنّ ذلك فيه إساءة لزوجتك، فما قمت به في العرس لعلاج هذه الإساءة هو تصرّف خاطئ، فقد كان من الممكن أن تسترضي زوجتك وتطيّب خاطرها بينك وبينها، أو تعتب على أهلك عتاباً رقيقاً بينك وبينهم، لا أن تتكلم بكلام يثير الشحناء ويفسح المجال لنزغات الشيطان، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً. {الاسراء:53}.
والذي عليك الآن أن تسترضي والديك وخاصة أمّك فإنّ حقّها عليك عظيم، وتسعى لإصلاح ما بينك وبين إخوتك، فإنّ صلتهم واجبة، وانظر الفتوى رقم: 112162.
واعلم أنّ مقابلة السيئة بالحسنة مما يوجد المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34}. وينبغي أن تعامل زوجتك بالحكمة، وتبيّن لها أنّ من محاسن أخلاق الزوجة وطيب عشرتها لزوجها إحسانها إلى أهله، وتجاوزها عن زلاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، وأنّ ذلك من حسن الخلق الذي يثقّل الموازين يوم القيامة.
وننبّه إلى أنّ تصويرك مع زوجتك وأخيك لا يجوز، فإنّ أخاك أجنبي عن زوجتك وليس محرماً لها، كما ننبّه إلى أنّ حفلات الأعراس لا يجوز أن تشتمل على اختلاط بين الرجال والنساء الأجانب، وراجع الفتوى رقم: 111143.
والله أعلم.