الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن إفشاء أسرار الشركة خيانة للأمانة، سواء أكان ذلك بمقابل أو بغير مقابل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 50601.
ومحل ذلك حينما لا يتعلق بهذه الأسرار رد حق لصاحبه أو دفع ظلم عن مظلوم، وإلا فقد قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما أو مظلوما. فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال: تحجزه أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره. رواه البخاري.
فعلى الأخ السائل أن ينصر كلا من الشركتين بالطريقة التي تناسبها على وفق هذا الحديث، فيسعى لإعادة الحق لأصحابه، ويسعى في حجز الظالم عن ظلمه، وإذا كان المسؤولون في الشركة الجديدة ممن يقبلون النصح ويتأثرون بالوعظ فعليه أن يذكرهم بالله وبخطورة أكل المال بالباطل، كما قال تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188}، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً {النساء: 29-30}.
قال الجصاص: أكل المال بالباطل على وجهين، أحدهما: أخذه على وجه الظلم والسرقة والخيانة... وما جرى مجراه. والآخر: أخذه من جهة محظورة نحو القمار.. وثمن الخمر والخنزير. اهـ.
وقد سبق التنبيه على أن إفشاء السر واجب في بعض الأحوال، وأنه إذا كان في إفشائه مصلحة راجحة فلا حرج فيه، فراجع الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 24025، 7634، 8590.
والله أعلم.