الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حقّ أمك أن ترفض السكن مع زوجة أبيكم، ويجب عليه أنّ يوفرّ لها مسكناً مستقلاً لا تتعرض فيه لضرر، قال الكاساني: وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسْكِنَهَا مع ضَرَّتِهَا أو مع أَحْمَائِهَا كَأُمِّ الزَّوْجِ وَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ من غَيْرِهَا وَأَقَارِبِهِ فَأَبَتْ ذلك عليه أَنْ يُسْكِنَهَا في مَنْزِلٍ مُفْرَدٍ لِأَنَّهُنَّ رُبَّمَا يُؤْذِينَهَا ويضررن بها في الْمُسَاكَنَةِ وَإِبَاؤُهَا دَلِيلُ الْأَذَى وَالضَّرَرِ. بدائع الصنائع.
وأمّا عن طلب أبيكم أن تسكنوا معه وتتركوا أمّكم، فالأولاد الصغار دون سنّ المميّز حضانتهم لأمّهم ما لم يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم: 9779.
وأمّا الأولاد الكبار دون البلوغ وبعد التمييز فالراجح من مذاهب العلماء أنّهم يخيّرون في الإقامة عند أبيهم أو أمّهم، وانظري الفتوى رقم: 50820 .
وعلى هذا فمن حقّكم أن تختاروا الإقامة مع أمّكم، مع مداومة برّ أبيكم وزيارته والإحسان إليه، لكن لا يجوز لكم طاعته في مقاطعة أمّكم، وإنما عليكم أن تجمعوا بين برّ أبيكم وأمّكم ما استطعتم، مع السعي للإصلاح بينهما.
والله أعلم.