الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت الدولة تعطي الحق لكل أحد من مواطنيها في امتلاك قطعة أرض واحدة باسمه دون اشتراط وصف فيه كفقر ونحوه، وقد تنازلت لأخيك عن حقك في امتلاك قطعة أرضية باسمك ووهبته ذلك الحق دون شرط فليس لك الرجوع عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه. متفق عليه.
ولو كان غرضه من الأرض ابتداء هو استغلالها في السكن، ثم بدا له أن ينتفع بثمنها أوغير ذلك، فلا حرج عليه إذ له التصرف فيها كيف يشاء، وليس لك مطالبته بنصف ثمن الأرض أو ما ربحه فيها، إذ هي ملك خالص له. لكن ينبغي أن يحسن إليك كما أحسنت إليه، ويعينك في سداد ديونك وقضاء التزاماتك التي كان سببا فيها، أو في بعضها لتراجعه عن وعده بالشراكة معك كما ذكرت.
وأما إذا كانت الدولة إنما تمنح ذلك الحق لمن يملكه في خاصة نفسه لفقر أو صفة معينة، وليس له التصرف فيه ببيع أو هبة أوغيرها، بل يأخذه إن احتاج إليه أو يدعه للدولة لتصرفه إلى مستحق غيره، إن كان الأمر كذلك فتنازلك لأخيك غير صحيح، ولابد من الرجوع إلى الدولة والجهة المسؤولة كي تأذن في ذلك أو تسترد الأرض. وللمزيد حول حق التنازل عن الحقوق المعنوية انظر الفتويين : 46177، 22157.
والذي ننصح به هو محاولة الإصلاح بينكما، وتوسيط بعض من لهم وجاهة عنده من الأهل والأصدقاء والمشايخ، ونحوهم للسعي في إزالة ما بينكما من جفاء، وليحل محل ذلك روح المودة والإخاء.
ولابد من التغاضي عما يمكن التغاضي عنه من هفوات الأخ وزلاته، وعدم محاسبته على كل صغيرة وكبيرة حفاظا على الأخوة وقد قيل.
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى * ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
والله أعلم.