الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك العافية من هذا الداء العضال الذي ألم بك، وقد سبقت لنا عدة فتاوى حول ماهية هذا المرض وطريقة علاجه، وانظر هاتين الفتويين: 3086، 3171.
ثم اعلم أن المصاب بالوسواس القهري مغلوب على عقله، فلا يُسأل ولا يؤاخذ بما يصدر منه من قول أو فعل دفعه إليه الوسواس، لأنه في معنى المكره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طلاق ولا عتاق في إغلاق. رواه أبو داود.
ومن ثم فالأمرُ يسيرٌ يا أخانا، ولا ينبغي لك أن تشق على نفسك، وتحملها ما لا تُطيق، وترهقها من أمرها عسرا، فإنك إن شاء الله غيرُ مؤاخذ بما صدر منك إذا كنت لم تتعمد النطق بكلمة الكفر، ولم ينشرح بها صدرك، واعلم أن رحمة الله واسعة، فإن من تعمد أي ذنب حتى لو كان الكفر، ثم رجع إلى الله بالتوبة النصوح تاب الله عليه، فلا تُسئ الظن بربك، ولا تظن أنه يؤاخذكَ بما لم يكن باختيارٍ منك، وعليك أن تعرض عن الوسواس جملة، وتجتهد في الإقبال على عبادة ربك، والإكثار من أنواع العبادات والأذكار، إلى أن يمن الله عليك بالعافية.
وأما إقرار الموسوس، فهو كإقرار المكره لأنه مغلوب على عقله غيرُ مختار فيما يقول ويفعل، وقد نص العلماء على أن إقرار المكره غير معتد به.
قال ابن قدامة في المغني: ولا يصح الإقرار من المكره، فلو ضرب الرجل ليقر بالزنا لم يجب عليه الحد ولم يثبت عليه الزنا، ولا نعلم من أهل العلم خلافا في أن إقرار المكره لا يجب به حد. انتهى.
والله أعلم.