الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دام التقرير قد أثبت خطأ الطبيب وحصول التفريط وتلف عين البنت بسبب ذلك فلا حرج عليكم في أخذ ديتها. كما بينا في الفتوى رقم: 55184، والفتوى رقم: 95692.
وأما حج الأب من مال ابنته إن كان لا يضر بها فلا حرج فيه عند من يجيز للأب أن يأخذ من مال ولده ما احتاج إليه وما لم يحتج إليه.
قال البهوتي الحنبلي: ولأب حر محتاج وغيره تملك ما شاء من مال ولده بعلمه أو بغير علمه صغيرا كان الولد أو كبيرا ذكرا أو أنثى راضيا أو ساخطا.
وقال ابن قدامة في المغني مبينا شرطي جواز أخذ الأب من مال ابنه: أحدهما: أن لا يجحف بالابن، ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته . الثاني: أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر .
وذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن أخذ الأب من مال ولده مشروط بالحاجة. جاء في المغني: قال أبو حنيفة , ومالك , والشافعي : ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام , كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا. متفق عليه.
وعلى هذا القول ليس للأب أن يحج من مال ابنته لعدم الحاجة إلى ذلك، كما لا يجوز له أن يتصدق منه أو يهبه، وإنما يتصرف فيه وفق المصلحة وما فيه حظ لها .
وما دامت المسألة موضع خلاف فالأولى ألا يحج الأب من مال ابنته، وإنما يحج من ماله إن كان له مال، ولا يأخذ من مالها إلا ما احتاج إليه. وللمزيد انظر الفتويين رقم: 31108، 7490.
علما بأنه إذا لم يكن له من المال ما يستطيع به الحج فإنه لا يجب عليه.
وفي خصوص تسلف الأب من مال البنت للحج فإنه أحرى بالإباحة عند أصحاب القول الأول، كما أنه يجوز عند أصحاب القول الثاني إن كان فيه مصلحة، وأما إذا لم يكن فيه مصلحة فالأولى تجنبه كما تقدم.
والله أعلم.