الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكفى هذا الأمر مذمة كونه خال من المصالح الدينية والدنيوية ولا ترجين من ورائه منفعة كما تقولين، وحري بالعاقل أن يترك مثل هذا العمل ويعرض عنه ولو كان مباحا لا تشوبه شائبة من كراهة أو شبهة، فإن الله سبحانه مدح أهل الإيمان والتقوى بأنهم معرضون عن اللغو فقال سبحانه: وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا. {الفرقان : 72}.
جاء في تفسير الثعالبي: اللغو كل ما ينبغي أن يطرح ويلغى. انتهى.
والعاقل أضن بوقته وزمانه منه بدرهمه وديناره لعلمه أنه رأس ماله، وأنه مسؤول عنه يوم العرض على الله سبحانه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه. أخرجه الترمذي وصححه الألباني.
وقال صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ. رواه البخاري وغيره.
فمن أنعم الله عليه بنعمة الفراغ فعليه أن يستغلها في طاعة الله والقيام بأوامره والإكثار من ذكره وشكره، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا. {الفرقان : 62}.
فإذا كان هذا في شغل الأوقات بالمباح المحض الذي لا شبهة فيه فكيف بالمعاصي الظاهرة كتلك المراسلات بين المرأة والرجال الأجانب فإنها محرمة ولا شك، لما فيها من فتح باب الفتن والشرور، وغير خاف على أحد ما يترتب عليها ولو بعد حين من ضياع الدين وفساد الأخلاق، ولا يغرنك ما تذكرين من كون محتوى هذه الرسائل في حدود اللباقة والمباح، فغالبا ما يبدأ الأمر هكذا فلا يلبث الشيطان أن يستزل أطرافه إلى الوقوع فيما حرم الله، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 67309
والله أعلم.