الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 121995، الحدود الشرعية لتعامل المرأة مع شقيق زوجها المعاق، فعليك بمراجعتها للفائدة.
واعلمي أن الصبر على ما تجدينه من تعب وضيق جراء قيامك بمصالح هذا المريض من أعظم الأعمال الصالحات التي تتقربين بها إلى الله جل وعلا. ولك إن شاء الله عظيم الأجر وجزيل الثواب على ذلك، بل ستجدين بإذن الله ثمرة هذا في الدنيا من معونة الله لك، ولطفه بك وإصلاحه لذريتك، ففي صحيح مسلم وغيره أن رسول الله قال: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، و من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
ولا مانع من أن تستعيني على خدمته ببعض أخواته، فهن في الحقيقة أولى برعايته منك؛ لأنهن من محارمه، وهذا ما يفهم من كلام أهل العلم حين ذكروا أن المجنون لا يزوج إلا لحاجة، ومن حاجته أن يحتاج إلى الخدمة، ولا يوجد في محارمه من يقوم بها. جاء في روضة الطالبين للنووي: أو بأن يحتاج المجنون إلى من يخدمه ويتعهده ولا يجد في محارمه من يحصل هذا. انتهى.
فالذي نراه تفاديا لما تجدين من ضيق وتعب جراء انفرادك بخدمته أن تتعاوني مع أخواته للقيام بمصالحه، وقد يكون من الأفضل أن تكون إقامته مقسمة بينكن جميعا، ولا يعد هذا من إخلاف وعدك مع أمه، مع التنبيه على أن الوعد لا يجب الوفاء به أصلا، وإنما يستحب على الراجح من كلام أهل العلم، كما بيناه في الفتوى رقم: 17057.
وأما ما تجدين في نفسك من ضيق يحملك في بعض الأوقات على الضجر منه وتمني الموت له، فهذا لا يضرك إن شاء الله، ما دمت تندمين عليه بعد ذلك، وتستغفرين الله منه، بشرط أن يبقى الأمر في حيز حديث النفس وخواطرها، ولا يتعدى ذلك إلى أفعال الجوارح بإيذائه بقول أو فعل، فإن الله سبحانه قد تجاوز لهذه الأمة عن حديث النفس ما لم تتكلم أو تعمل، روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم.
والله أعلم.