الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشمتل سؤالك على عدة أمور يترتب حكم بعضها على بعض ونجيبك عليها بالتفصيل التالي:
1- شراء الأب قطعة أرض لابنه المتوسط هو من هبة الوالد لأولاده، والراجح هو وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، ولا يجوز تخصيص أحد الأولاد بالهبة بدون مسوغ شرعي، وإذا كانت الهبة بغير مسوغ شرعي فيجب نقضها في حياة الأب أو بعد موته، وراجع في بيان ذلك فتوانا رقم: 110480، وما أحيل عليه فيها.
2- بدء الأب في البناء بمساعدة ابنه والعاق له... إذا كان الأب يبني المنزل لابنه، فالحكم في ذلك كالحكم في هبة الأب لأحد بنيه على التفصيل السابق، وإذا كان الأب يبني لنفسه المنزل صار المنزل ملكاً له، وينظر فيما دفعه الابن إن لم يكن متبرعاً بذلك فله الحق في المطالبة بما أنفقه في البناء.
3- إجبار الابن على التنازل عن نصف المنزل لأخيه الأصغر... إذا كان المنزل ملكاً للأب فلا حرج في أن يجبر ابنه المتوسط على ذلك، وإن كان المنزل ملكاً للابن فله احتمالان:
أحدهما: أن يكون ذلك تحقيقاً للتسوية بين الأولاد في العطية وهذه التسوية واجبة، وفي هذه الحالة يكون هذا التصرف صحيح شرعاً، ولكن يجب أن ينظر فيما دفعه الابن المتوسط في تكاليف البناء فهذا حقه الخالص وليس للأب أن يأخذ منه إلا ما وهبه إياه لتحقيق التسوية.
الثاني: أن تكون الهبة السابقة صحيحة بأن كان فيها تسوية بين الأولاد أو كان هناك مسوغ شرعي للتخصيص، وفي هذه الحالة فإجبار الابن المتوسط على التنازل عن نصف المنزل لأخيه الأصغر غير جائز شرعاً، لأنه يشترط لصحة الهبة رضا الواهب، جاء في درر الحكام ما حاصله: يلزم رضا الواهب في نفاذ الهبة والهدية والصدقة والإبراء ويكون عدم رضا الواهب بالجبر والإكراه بناء عليه لا تصح الهبة التي وقعت بالجبر والإكراه بدون رضاء. اهـ.
ويجب على الابن الأصغر في هذا الاحتمال أن يرد نصف المنزل لأخيه المتوسط سواء وعده بذلك أم لا.
4- وعد الأخ الأصغر لأخيه بأن يرجع له نصف المنزل.. فإذا كان التنازل باطلاً وجب عليه رد نصف المنزل، وإن كان التنازل صحيحاً فيستحب له أن يفي بوعده، فالوفاء بالوعد مستحب عند جمهور أهل العلم، لكن من وعد آخر فدخل الموعود بسبب الوعد في ورطة أو عمل ونحو ذلك فهو ملزم بالوفاء بالوعد إلا من عذر، وهذا القول هو المشهور عند المالكية ورجحه كثير من الباحثين المعاصرين، وقد تقدم بيان ذلك في الفتوى رقم: 117916.
5- وصية الأب الابن الأصغر بعدم رد نصف المنزل لأخيه المتوسط غير لازمة، ولكن حكم الرد فيه التفصيل السابق.
وننبهك أيها السائل إلى أن مسائل النزاع ينبغي حلها بالصلح والتراضي أو برفعها للمحكمة الشرعية لتفصل فيها، وننصح هذه الأسرة بالحفاظ على صلة الرحم وألا تجعل أمور الدنيا سببا للخصام والنزاع فيما بينها.
والله أعلم.