الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالنكاح تجري عليه الأحكام التكليفية الخمسة، فيكون واجبا أو مستحبا أو مباحا أو مكروها أو حراما، وذلك بحسب حال الشخص. والسائل الكريم ينبغي له أن يحرر حكم النكاح بالنسبة له، فإن كان حراما فليس له أن يطيع أمه ويتزوج، وإن كان مكروها فما فوق ذلك من الأحكام فتلزمه طاعة أمه عندئذ، وقد سبق أن بينا ضوابط طاعة الوالدين وحكم طاعتهما في المشتبهات، في الفتويين: 76303، 108354.
ويبقى أن نذكر متى يكون الزواج حراما؟ فإنه يحرم على من لا يخاف العنت -الوقوع في الزنا- وكان يضر بالمرأة لعدم قدرته على الوطء أو على النفقة. أو بعبارة أخرى: يحرم في حق من يخل بحق الزوجة في الوطء أو الإنفاق، مع عدم قدرته عليه وعدم توقان نفسه إليه، إلا إذا علمت الزوجة بذلك ورضيت به، كما سبق بيانه في الفتويين: 3011، 26587.
ومن نصوص المذاهب في ذلك، قول الحنفية: يكون النكاح حراما إن تيقن الجور.
وقول المالكية: يحرم عليه النكاح إذا لم يخش الزنا، وكان نكاحه يضر بالمرأة لعدم قدرته على الوطء أو لعدم النفقة، أو التكسب من حرام، أو تأخير الصلاة عن أوقاتها لاشتغاله بتحصيل نفقتها.
والخلاصة أن السائل الكريم لو كان عنده قدرة على الوطء والنفقة بحيث لا يضر بزوجته ضررا بالغا، فيلزمه الزواج طاعة لأمه من ناحية، وامتثالا لأمر الشرع من ناحية، وراجع الفتوى رقم: 16681.
والله أعلم.