الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الفتاة إذا راهقت الحلم وأحرى إذا بلغته فلا يجوز لها أن تؤخر الحجاب أبدا، لأن الحجاب فريضة محكمة من لدن حكيم خبير، وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتوى رقم: 123610.
أما فترة الصبا فيما دون مقاربة البلوغ فإنها غير مكلفة بالحجاب فيها، وليس معنى ذلك أن يتركها أهلها تخرج كاسية عارية، بل عليهم أن يعودوها الحشمة والتستر حتى إذا ما بلغت الحلم لم يكن الحجاب غريبا عليها، وهذا في الأحوال العادية المألوفة.
ويتأكد هذا إذا كانت الفتاة قد بلغت حدا من النضج تتعلق به نفوس الرجال وشهواتهم، فحينئذ يجب على أهلها أن يلزموها الحجاب، حتى ولو كانت لا تزال صغيرة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 39008.
فالواجب عليك أيتها السائلة إن كنت قد بلغت مرحلة التكليف أن تتوبي إلى الله تعالى مما كان منك من التبرج ونزع الحجاب، فإنه من كبائر الإثم والفواحش، ثم عليك أن تبادري بلبسه طاعة لله واستجابة لأمره سبحانه.
أما قولك إنك ـ غير مقتنعة ـ فلم يتضح لنا مقصودك منه، فإن كنت تقصدين أنك غير مقتنعة بتأخيره، فقد صادف اقتناعك الصواب، وهذا مزيد حجة من حجج الله عليك، فإن تركك للحجاب والحال هذه من قبيل كفران نعمة الهدى التي أودعها الله قلبك.
وأما إن كنت تقصدين أنك غير مقتنعة بلبس الحجاب قبل دخول الجامعة فهذا اقتناع باطل من وحي الشيطان ولا يجوز لك متابعته، فالمسلم يجب عليه أن يتبع أمر الله سبحانه وشرعه لا ما تتبعه نفسه ويمليه عليه هواه، وهذا هو مقتضى عقد الإيمان ودين الإسلام، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب: 36}.
هذا مع التنبيه على أن فرضية الحجاب لا تختلف بخروج المرأة بمفردها أو مع أرحامها ومحارمها، فالحجاب واجب في كل حال مادامت المرأة في مكان هي فيه عرضة لأن يراها من الرجال من ليس زوجا ولا محرما.
والله أعلم.