الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
قال الدكتور/ نايف بن أحمد الحمد: استحب بعض العلماء ذبح عتيرة في شهر رجب، مستدلين بحديث مخنف بن سليم رضي الله عنه قال: كنا وقوفا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فسمعته يقول: يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تسمونها الرجبية. رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب ولا نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه من حديث بن عون اهـ. وضعفه ابن حزم في المحلى وعبد الحق كما في تهذيب السنن والخطابي في المعالم وقال ابن كثير في التفسير: قد تُكلم في إسناده. اهـ.
والجمهور على أنها منسوخة بما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا فَرَعَ ولا عَتِيرَة. رواه البخاري ومسلم.
وذهب بعض العلماء كابن سيرين وأبي عبيد وإسحاق بن راهويه والشافعية إلى أن المنسوخ هو الوجوب. اهـ من رسالة أحكام شهري محرم ورجب.
ولعل الراجح هو القول بنسخ الوجوب وتخصيص ذلك بشهر رجب، مع بقاء المشروعية أو الاستحباب، وعلى هذا فالعتيرة مشروعة أو مستحبة، ولا يلزم أن تكون في شهر رجب، وهذا ما رجحه جمع من المحققين، كابن حجر فقال في فتح الباري: أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه الحاكم وابن المنذر عن نبيشة قال: نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا؟ قال: اذبحوا لله في أي شهر كان. قال: إنا كنا نفرع في الجاهلية؟ قال: في كل سائمة فرع تغذوه ماشيتك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه فإن ذلك خير... ففي هذا الحديث أنه صلى الله عليه و سلم لم يبطل الفرع والعتيرة من أصلهما، وإنما أبطل صفة من كل منهما، فمن الفرع كونه يذبح أول ما يولد، ومن العتيرة خصوص الذبح في شهر رجب. اهـ.
وانظر الفتويين رقم: 6216، ورقم : 1745.
والله أعلم.