الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يعافيك في دينك ودنياك، وأن يجمع بينك وبين زوجك على خير، وأن يصلح بالكم.
أما بالنسبة لخروجك للعمل بغير إذن زوجك فلا يجوز، جاء في الموسوعة الفقهية: للمرأة الحق في العمل بشرط إذن الزوج للخروج .. ويسقط حقه في الإذن إذا امتنع عن الإنفاق عليها. اهـ.
وفيها أيضا: إذا كانت المرأة متزوجة فإنها ترتبط في خروجها من المنزل بإذن زوجها لأن حق الزوج واجب، فلا يجوز تركه بما ليس بواجب، وخروج الزوجة من غير إذن زوجها يجعلها ناشزا، ويسقط حقها في النفقة في الجملة اهـ.
وقد سبق بيان ذلك وكلام أهل العلم فيه، في الفتوى رقم: 38490.
ثم إن الأصل في عمل المرأة في مكان يختلط فيه الرجال بالنساء هو المنع، إلا إذا دعت الضرورة لذلك، ولم تجد المرأة وسيلة للنفقة على نفسها وأولادها أو أبويها غيره، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3859 ، 65401 ، 20388 ، 22513.
أما بالنسبة لطلب الطلاق فننصحك باستبعاد هذه الفكرة، والاجتهاد في إصلاح حال زوجك بالصبر والحكمة والرفق واللين، واعلمي ـ أختي الكريمة ـ أن الطلاق في أكثر الأحيان لا يأتي بخير، ولا يحصل منه نفع، خاصة وأنت حامل، ومن حق هذا الطفل أن يرعاه والداه في رباط أسري متين ومطمئن، فحاولي التغلب على ما يعرض لك من إشكالات حسية أو معنوية مع زوجك، وذلك برد الإساءة بالحسنى والصبرالجميل، وتدبري قول الله تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت:34-36}.
ولا تنسي قوله سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}. وقوله عز وجل: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً {النساء: 19}. فكم من امرأة صبرت على أذى زوجها فبدل الله حاله إلى أحسن حال، ورزقها منه الذرية الطيبة الصالحة.
ثم من المعلوم أن كل إنسان فيه شيء من العيوب، فابدئي أنت بنفسك وأصلحي ما فيها من عيوب بقدر طاقتك، فإن ذلك سيعينك على إصلاح زوجك إن شاء الله.
وقد سبق لنا بيان الطريقة الشرعية لحل الخلاف بين الزوجين، وتقديم بعض النصائح للزوجة قبل اللجوء للطلاق، في الفتوى رقم: 5291 ، كما سبق أن بينا الحالات التي يشرع للمرأة فيها أن تطلب الطلاق في الفتوى رقم: 37112.
والله أعلم.