الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ينبغي للسائلة أن تتعاطى ما يعجل بنزول الحيض قبل وقته المعتاد لتسقط ما أوجبه الله عليها من الصلاة، فقد نص بعض الفقهاء على أن المرأة لو شربت أو أكلت ما ينزل دم الحيض ونزل دم فإنه لا يكون حيضا، ولا تخرج به من العدة، ولا تترك الصلاة والصيام لأجله.
جاء في الشرح الكبير للدردير: من كتب المالكية عند قول خليل عن الحيض: ولا علاج: أي قبل زمنه المعتاد له، ومن هاهنا قال سيدي عبد الله المنوفي إن ما خرج بعلاج قبل وقته المعتاد له لا يسمى حيضا قائلا: الظاهر أنه لا تبرأ به من العدة ولا تحل، وتوقف في تركها الصلاة والصوم. قال خليل في توضيحه: والظاهر على بحثه عدم تركهم أي لأنه استظهر عدم كونه حيضا تحل به المعتدة، فمقتضاه أنها لا تتركهما. انتهى.
فأنت ترين أيتها السائلة أن من العلماء من لا يسقط عنك الصلاة بذلك الدم؛ لكونك أنت التي تسببت في إنزاله بأخذ ما ينزله، ولا نرى أن ما ذكرت من التحرج سببا في كل ذلك القلق، والشريعة يسر ولله الحمد، فإذا كنت مصابة بسلس ويشق عليك تطهير الملابس باستمرار أو تبديلها فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يعفى عما عسر من النجاسة ولو كثر، وهو مذهب المالكية قال الدردير رحمه الله وهو من المالكية: وعفي عما يعسر كسلس لازم.
فيعفى عن كل ما يعسر التحرز منه من النجاسات بالنسبة للصلاة ودخول المسجد، والمراد بالسلس ما خرج بنفسه من غير اختيار من الأحداث كالبول والمذي والمني والغائط يسيل من المخرج بنفسه، فيعفى عنه ولا يجب غسله للضرورة إذا لازم كل يوم، وعليه فإذا كانت النجاسة تصيب في أغلب الوقت ويعسر الاحتراز منها ويشق عليك تغيير الثوب أو غسله فلا حرج عليك أن تصلي به، وهذا من يسر الشريعة وسهولتها ويشهد له قول الله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج: 78}.
والله أعلم.