الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق الكلام مفصلا عن حكم استعمال التبغ سواء بالشم أو بالتدخين، وذلك في الفتويين رقم: 1671، ورقم: 20252.
وما تفعله أم زوجك من تعاطي هذه المادة الخبيثة لا يجوز، ويزداد الحظر والإثم عندما يبلغك أنت الأذى والضرر جراء فعلها ذلك، وقد نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الإضرار بالناس وذلك فيما رواه ابن ماجة عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قضى أن لا ضرر ولا ضرار. صححه الألباني.
ومن القواعد الفقهية المتفق عليها أن الضرر يزال.
ولكن يبقى أن لهذه السيدة حقا عظيما على ابنها الذي هو زوجك، فقد أوصى الله ورسوله بالوالدين خصوصا الأم، وجاءت النصوص متواترة متعاضدة في الأمر بإكرامها غاية الإكرام، والنهي عن إيذائها ولو بكلمة، وهذا الحكم يشمل جميع الأمهات حتى وإن كن فاسقات، إن هذا الحكم ينسحب كذلك على الأمهات المشركات، لأن الله سبحانه قال في محكم التنزيل: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً {لقمان: 15}. قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: وفهم من ذكر ـ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً ـ إثر قوله ـ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي ـ أن الأمر بمعاشرتهما بالمعروف شامل لحالة كون الأبوين مشركين، فإن على الابن معاشرتهما بالمعروف، كالإحسان إليهما وصلتهما. انتهى.
وبناء على ما سبق، فإن الذي نراه في مثل هذه الحالة هو أن يحاول زوجك أولا أن يثني أمه عن هذه العادة السيئة القبيحة، وأن يبين لها حرمتها في الشرع، وقبحها في العادة والعرف، وأن يعدد لها مضارها الصحية والاجتماعية، فإن استجابت لذلك، وإلا فليذكر لها برفق وتودد أنه وزوجته يتأذيان بهذه الرائحة الكريهة المنبعثة منها، ويطلب منها أن تتجنب تعاطي هذه المادة مدة بقائها عندكم أو التقليل منه على الأقل، وذلك تجنبا لأضرارها.
فإن لم تستجب فلا مانع حينئذ أن تقتصروا على زيارتكم لها دون دعوتها لزيارتكم، إن لم تكن هي تحتاج رعاية خاصة، وعليكم أن توصلوا لها ما تستطيعون من البر والإحسان وهي بعيدة عنكم، فإن كانت تحتاج رعاية خاصة، فعلى ولدها أن يضمها إليه، وعليك أنت أن تكوني عونا له على ذلك. وإياك ثم إياك أن يحملك ما تقوم به على حمل ابنها على عقوقها، فإن ذلك منزلق خطير.
والله أعلم.