الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن ما يفعله زوجك من تقصير في حقك وحق أبنائه وترك النفقة الواجبة عليه حرام لا يجوز، وهذا من الظلم البين، وحسبه زاجرا عن فعله قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وحسنه الألباني.
وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 113285. ماهية النفقة الواجبة على الزوج.
وأما عن استحقاقك لما أنفقته في الفترة السابقة على نفسك وولدك ورجوعك عليه بذلك، فقد بيناه مفصلا في الفتوى رقم: 76604.
والأصل المتقرر في شرع الله أنه لا يجوز للزوجة أن تمتنع عن فراش زوجها دون عذر شرعي من حيض أو إحرام بحج واجب ونحو ذلك، لما جاء في الصحيحين وغيرهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع.
وكذا لا يجوز لها أن تخرج من بيته دون إذنه، كما بيناه في الفتوى رقم: 124187.
ولكن إن أعسر الزوج بالنفقة، أو امتنع من الإنفاق الواجب عليه، فحينئذ يجوز للمرأة أن تمتنع عن فراشه، ويجوز لها أيضا أن تخرج من بيته ولو بغير إذنه، لأن المرأة محبوسة في البيت لحق زوجها لأجل إنفاقه عليها، فإذا لم ينفق فلا حق له في حبسها.
جاء في المجموع شرح المهذب: وان اختارت المقام بعد الاعسار لم يلزمها التمكين من الاستمتاع ولها أن تخرج من منزله، لأن التمكين في مقابلة النفقة، فلا يجب مع عدمها. انتهى.
وكذا يجوز لك أن ترفعي أمره للقاضي ليجبره على الإنفاق حال امتناعه أو ليفسخ النكاح حال إعساره.
قال الشوكاني في نيل الاوطار: وظاهر الأدلة أنه يثبت الفسخ للمرأة بمجرد عدم وجدان الزوج لنفقتها بحيث يحصل عليها ضرر من ذلك. انتهى.
وأما بخصوص المرض الذي أصابه، فإن كان قد سلبه القدرة على الجماع بحيث لا يقدر عليه البتة، فيجوز لك أن ترفعي الأمر للقضاء ليضرب له مدة قدرها الفقهاء بسنة، فإن لم يصبك خلالها فسخ النكاح، كما بيناه في الفتوى رقم: 48190.
أما إن كان هذا المرض لم يسلبه القدرة على الجماع، وإنما أضعفه وصار بحيث لا يقدر عليه إلا على فترات متباعدة، فهنا ينظر فيه، فإن كنت تتضررين بسبب تباعد هذه الفترات فيجوز لك حينئذ طلب الطلاق للضرر، وأما إن كنت لا تتضررين بهذه الفترة فهنا لا يجوز طلب الطلاق بهذا السبب.
وننصحك بمواصلة الصبر حتى لا يتأثر أبناؤك وبناتك.
والله أعلم.