الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيشرع للمتضرر من استمرار الزوجية ما يفرج به كربه ويزيل به الضرر عنه، فإذا كانت الزوجة ترغب في الخلع لتضررها من مستلزمات بقاء النكاح، بسبب مرضها الذي يمنعها من القيام بما أمرها الله به من واجبات تجاه زوجها، فلا حرج عليها في أن تختلع منه؛ لعموم قوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ. {البقرة:229}.
والأصل أن الخلع يتم بين الزوجين بالتراضي، لكن إذا رفض الزوج أن يجيب المرأة، وكانت متضررة بالبقاء معه، فاختلف العلماء في إجباره على الخلع.
قال المرداوي في الإنصاف: أما الزوج، فالصحيح من المذهب أنه يستحب له الإجابة إليه . وعليه الأصحاب . واختلف كلام الشيخ تقي الدين رحمه الله- يعني شيخ الإسلام ابن تيمية - في وجوب الإجابة إليه، وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء.
وقال ابن حجر في (فتح الباري) في شرحه لقوله عليه الصلاة والسلام لثابت بن قيس: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة: هو أمر إرشاد وإصلاح لا إيجاب.
وقال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع: اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة، فأكثرهم يقول: لا يلزم، فهو زوج وبيده الأمر. والقول الراجح أنه يلزم إذا قالت الزوجة: أنا لا مانع عندي، أعطيه مهره، وإن شاء أعطيه أكثر؛ لأن بقاءها معه على هذه الحال شقاء له ولها، وتفرق، والشارع يمنع كل ما يحدث البغضاء والعداوة، فالبيع على بيع المسلم حرام لئلا يحدث العداوة، فكيف بهذا؟! فيلزم الزوج أن يطلق، وحديث ثابت رضي الله عنه يدل عليه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: خذ الحديقة وطلقها تطليقة. والأصل في الأمر الوجوب، وقول الجمهور : إن هذا الأمر للإرشاد فيه نظر. والقول بالوجوب هو الراجح.
فعلى ما ذكر من خلاف أهل العلم فقد يختلف حكم القضاة في ذلك من بلد لآخر، ويمكنك سؤال القضاة في بلدك عن الرأي المعمول به عندهم.
وانظري الفتوى رقم: 3484 .
والله أعلم.