الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي والدكم، وأن يلهمه رشده ويكفيه شر نفسه، وأن يثيبكم ويجزيكم خيرا على نصحه وإرشاده وخدمته وإعانته.
ومثل هذا الكلام المذكور في السؤال قد يخرج صاحبه من الملة ـ والعياذ بالله ـ فيخسر دنياه وآخرته. والواجب عليكم أن تستمروا في نصحه وتوجيهه وإرشاده، وأن يكون اهتمامكم بهذا الجانب لا يقل عن اهتمامكم بخدمته وتمريضه، لأن ذلك يتعلق بآخرته، فبينوا له أن الدنيا دار ابتلاء وأن الآخرة خير وأبقى، وأن من تسخط على قضاء الله فلن يضر إلا نفسه، وسيبوء بسخط الله، ولن يغير من الواقع شيئا، على أن السخط لا يزيد الأمر إلا شدة، ومن لم يصبر صبر الكرام سلا سلو البهائم.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: عِظَمُ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ. رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه، وحسنه الألباني.
أما لو صبر المبتلى واحتسب الأجر، فإنه يوفى أجره بغير حساب، حتى يُغبط على ذلك يوم القيامة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
وقد سبق لنا بيان أن الدنيا دار ابتلاء، وبيان بعض ثمرات الابتلاءات والمصائب وفوائدها، في الفتويين رقم: 51946، ورقم: 16766.
فأعرضوا ذلك على والدكم، واجتهدوا في الدعاء له بالعافية في دينه ودنياه.
وأما مسألة اشتراككم في الإثم لسماعكم هذه الشناعات، فهذا متوقف على موقفكم منه، فإن أنكرتم هذا الكلام وبينتم له خطأه ونصحتم له، فقد أديتم ما عليكم، ولا يضركم من ضل إذا اهتديتم. وهذا هو ظاهر حالكم في السؤال.
والله أعلم.