الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كتب الله الإحسان على كل شيء، وهو سبحانه يحب المحسنين، ويحب إذا عمل العبد عملا أن يتقنه، كما سبق بيانه في الفتويين: 47732، 53372.
والمسؤول عن إدارة أي عمل إنما هو راع فيه وهو مسؤول عن رعيته، وعليه أن يؤدي أمانة عمله، وأن يضع كل شيء في نصابه ومكانه اللائق به، فيضع اللين في موضعه، والشدة في موضعها، وهذا هو الحزم المحمود، كما قال أبو تمام:
فقسا ليزدجروا ومن يك حازماً * فليقس أحياناً على من يرحم.
فإذا اختل هذا الميزان اختل سير العمل وكانت مضرة، كما قال المتنبي:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا * مضر كوضع السيف في موضع الندى.
ومن المعروف من طبيعة البشر أنهم لا يعتدلون بشيء كاجتماع الترغيب مع الترهيب، فالثواب للمحسن والعقاب للمسيء، وهذه هي سنة الله تعالى في معاملة خلقه، كما قال سبحانه: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى. {النجم:31}.
ثم ننبه السائل الكريم على أن الأساس في إقامة العدل مع العاملين تحت إدارته أن يجري عليهم بنود العقد الذي تم الاتفاق عليه، ما دام خاليا من المخالفات الشرعية.
وقد سبق لنا التنبيه على أن الرفق بالعمال إنما يكون بما لا يضر العمل ولا يخالف النظام، في الفتوى رقم: 43311.
كما سبق بيان حكم معاقبة الموظف المقصر فصلاً أو خصماً، في الفتوى رقم: 48576.
والله أعلم.