الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنا ننصحك أيتها السائلة بالصبر على ما تجدين من أذى أهل زوجك، وأن تقابلي أخطاءهم بالعفو والصفح، فهذا ما رغب الله عباده فيه ووعدهم عليه مغفرة ذنوبهم، وسكنى جنات عرضها السماوات والأرض. فقال سبحانه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. {آل عمران: 133، 134}.
وهذا هو خلق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، فأين المشمرون المقتدون؟! سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسولِ الله؟ فقالت: لم يكن فاحِشًا ولا متفحِّشًا ولا صخَّابًا في الأسواق، ولا يجزِي بالسيِّئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح. رواه أحمد والترمذي وأصله في الصحيحين .
والذي يظهر من كلامك أنك في بيت مستقل عن أهل زوجك، ويمكنك أن تستغلي ذلك في تقليل مخالطتهم والاحتكاك بهم ما دامت الخلطة تفتح باب الخلاف والشر.
وإنا لننصح زوجك ألا يتخذ الطلاق مطية سهلة ذلولا يركبها عند كل خلاف أو منازعة، فبئست المطية هي، ولا يعود الطلاق على أصحابه – في الغالب – إلا بالحسرة والندم، وتشتت الأسر وتشرد الأولاد. فانصحي زوجك أن يضبط غضبه ويمسك لسانه عن الطلاق، وأن يلجأ إلى الحكمة والتأني لحل مشاكله.
أما بخصوص منعه لأخيك من زيارتك فهذا غير جائز، إلا إذا كان هناك سبب معتبر، كأن كان يخشى من أخيك أن يفسدك عليه، أو يحرضك على عصيانه، أما منعه دون سبب فلا يجوز لما فيه من تقطيع الأرحام التي أمر الله بوصلها، وقد سبق أن بينا حكم منع الزوجة من زيارة أهلها ومنعهم من زيارتها، وذلك في الفتوى رقم: 117262.
وكذا لا يجوز له أن يمنع أولاده من وصل خالهم والإحسان إليه؛ لأن الخال من الأرحام التي تجب صلتها وتحرم قطيعتها بلا خلاف بين أهل العلم.
والذي نوصيك به هو أن تذكريه بالله وحق الرحم، وأن الواجب عليه أن يكون عونا لك على صلة أرحامك لا أن يحول بينك وبينهم، ثم تذكريه بخطورة الغضب وأثره في إفساد الدين والمروءة، على ما بيناه في الفتويين: 120186، 8038 على أن يكون هذا بأسلوب لين رفيق.
كما أننا نحذره من السعي في طرد أخيك من عمله الذي يسترزق منه فإن في ذلك ظلما عظيما.
والله أعلم.