الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنُعيذك بالله تعالى من الخيانة، فإنها بئست البطانة، ولا شك أن ما تفعلينه خيانة لزوجك ولدينك ومعصية واضحة لربك، ولا يليق بامرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تستهين به، وإن كان وراء ذلك أنواع أشد من الخيانة، فإن الخيانة ليست درجة واحدة بل هي درجات بعضها أسوأ من بعض.
ومن ناحية أخرى فإن الشيطان لا يقف بالإنسان عند حد، فهو وإن بدأ بمثل هذا الكلام الهاتفي المحرم، إلا إنه لن يكتفي بذلك، بل سيتدرج في هاوية المعصية حتى يصل إلى منتهاها إن استطاع، فاتق الله ولا يستدرجنك الشيطان، فإن من أعظم أسباب الفتنة ما يكون من محادثات بين الرجال والنساء لغير حاجة، ويعظم الخطر إذا تضمن الأمر مغازلة ونحوها، فهذا منكر عظيم بلا شك، وقد قال الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا {الأحزاب:32}. فتضمنت الآية التوجيه السليم في أسلوب الكلام ومضمونه.
وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 119855،ورقم: 15726.
واعلمي أن زوجك برغم ما تشتكين منه، فهو خير لك في العاجل والآجل من ذاك الرجل الخائن الذي يهاتفك، وإن كان يُسمعك ما تحبين من معسول القول لعباً منه بالعواطف وتسلِّيا بما يعتبره صيدا، وقد يكون أسوأ حالا من زوجك لو كنت له حلالا.
وأما ما تفتقدينه من زوجك من حسن العشرة وطيب الكلام، فابدئي أنت به وشجعيه على ذلك، وقابلي صدوده وقلة مبالاته باجتهاد منك في تغييره وتحسين معاملته لك، واعلمي أنك مهما أحسنت إليه فلن يضيع الله أجرك، وسينقلب حاله في المآل إلى ما تحبين، فقد قال تعالى: وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {هود:115}. وقال سبحانه: نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف: 56}. وقال عز وجل: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف: 90}. وقال تبارك وتعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 27953.
والله أعلم.