الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن المعلوم أن الأصل تحريم الغيبة، وأنها من كبائر الذنوب، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {الحجرات:12}.
فإن كان مقصد أختك من حديثها إليك مجرد التنفيس والفضفضة، فالغالب أن ذلك لا يخلو من غيبة، فإن الغيبة قد عرفها الرسول عليه الصلاة والسلام بقوله: ذكرك أخاك بما يكره. رواه مسلم.
وما تحدثك به أختك على وجه التنفيس لا يخلو في الغالب من ذكر ما يكرهه الزوج وأهله ويسيء إليهم، وعلى ذلك فهو مشتمل على غيبة محرمة بلا سبب شرعي يبررها.
أما إن كان مقصد أختك طلب نصحك ومشورتك، وكنت أهلا لإرشادها ونصحها، فهذا من الأمور التي تباح فيها الغيبة، فإنه يجوز ذكر مساوئ الشخص لمن يستشار في أمر ما لطلب المشورة منه واستجلاب النصح والإرشاد، كما يجوز للمستشار إخبار المستشير بذلك، لما في صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له.
وقد سبق بيان الحالات التي تجوز فيها الغيبة في الفتوى رقم: 79354وانظري أيضا الفتوى رقم: 6710
إلا أنه لا يجوز التوسع في ذلك، بل يكون بقدر الحاجة فقط، فإن الأصل تحريم الغيبة، واستثني من التحريم أحوال معينة للمصلحة الشرعية في ذلك، فمدار إباحة الغيبة على المصلحة الشرعية المرجوة، فإن لم تكن هناك مصلحة شرعية عاد الحكم إلى أصل التحريم.
وليس كل ما تتكلم به أختك يكون بالضرورة جائزا ومفيدا، وكثيرا ما يلبس الشيطان على الإنسان ويزين له الاسترسال في ذكر أمور لا خير في ذكرها.
فعلى ذلك إذا تحدثت أختك في أمر ما واسترسلت في ذكر ما لا داعي لذكره، أو لم يكن عندك ، فاطلبي منها الكف عن ذلك، وبيني لها خطر الغيبة وأن تحريمها هو الأصل.
وكذلك إذا حدثتك في أمر ليس عندك فيه رأي تشيرين به عليها، فاطلبي منها الكف عن معاودة الحديث في ذلك الأمر.
والله أعلم.