الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل أن الميت ينقطع عمله إذا مات، إلا ما وردت النصوص بوصوله إليه، كالأعمال الصالحة التي تهدى إليه، وكالصدقات الجارية والعلم النافع الذي علمه للناس، لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة؛ إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
وكذلك ما سنه الإنسان في حياته من سنن حسنة يناله أجر من عمل بها من بعده ولو بعد وفاته، وكذلك ما سنه من سنن سيئة يناله وزر من عمل بها من بعده ولو بعد وفاته.
قال سبحانه: إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ {يس:12}.
قال ابن كثير: أي نكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم، وآثارهم التي أثروها من بعدهم، فنجزيهم على ذلك أيضًا، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، كقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا، ومَنْ سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزرُ مَنْ عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا. رواه مسلم. اهـ.
وقال عليه الصلاة والسلام: لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل متفق عليه.
والله أعلم.