الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن حقّ زوجتك أنّ توفرّ لها مسكناً مستقلاً لا تتعرض فيه لضرر، ولها أن ترفض السكن مع أمّك.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: وَلَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسْكِنَهَا مع ضَرَّتِهَا أو مع أَحْمَائِهَا كَأُمِّ الزَّوْجِ وَأُخْتِهِ وَبِنْتِهِ من غَيْرِهَا وَأَقَارِبِهِ فَأَبَتْ ذلك، عليه أَنْ يُسْكِنَهَا في مَنْزِلٍ مُفْرَدٍ، لِأَنَّهُنَّ رُبَّمَا يُؤْذِينَهَا ويضررن بها في الْمُسَاكَنَةِ وَإِبَاؤُهَا دَلِيلُ الْأَذَى وَالضَّرَرِ.
وإذا كنت قد اشترطت على زوجتك السكن مع أمّك فالواجب عليها أن تلتزم بالشرط إلا أن تكون متضررة من ذلك، فيجوز لها المطالبة بالسكن المستقل، وانظر الفتوى رقم: 28860.
لكن لا يجوز لك الاقتراض بالربا لشراء مسكن، فالاقتراض بالربا من أكبر الكبائر وممّا يوجب اللعن ومن أسباب غضب الله ومحق البركة.
أمّا عن الطلاق، فالطلاق لا ينبغي أن يصار إليه إلا بعد تعذّر جميع وسائل الإصلاح، وانظر الفتوى رقم: 48927.
وإذا كان الطلاق لغير حاجة معتبرة فهو مكروه بل قال بعض العلماء بحرمته. قال ابن قدامة في المغني في كلامه على أقسام الطلاق: ومكروه: وهو الطلاق من غير حاجة إليه، وقال القاضي فيه روايتان إحداهما: أنه محرم لأنه ضرر بنفسه وزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه فكان حراماً كإتلاف المال ولقول النبي صلى الله عليه و سلم: لا ضرر ولا ضرار. والثانية: أنه مباح.
أمّا إذا كان الطلاق لسوء عشرة الزوجة فهو مباح ولا إثم فيه ولا كراهة، فإذا كنت تريد طلاق زوجتك لتضرّرك من بعض عيوبها فلا إثم عليك في ذلك، وفي النساء كثير من الصالحات الخيّرات بفضل الله، لكن الأولى أن تصبر على زوجتك، وتسعى في إصلاحها، وتوفر لها مسكناً مستقلاً، وتتعامل معها بالحكمة، وتجمع بين برّ أمّك وحسن عشرة زوجتك.
وعلى كل الأحوال فلا يجوز لك أن تقصّر في برّ أمّك ورعايتها، واعلم أنّ الإحسان إليها من أعظم القربات إلى الله.
والله أعلم.