الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فصلة الرحم من أعظم الواجبات وأفضل القربات، كما أن قطيعتها من أعظم الكبائر الموبقات، والواصل على الحقيقة هو الذي يصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، أما الذي يقتصر في الصلة على من وصله وأحسن إليه، فهذا مكافئ لا واصل، وتصديق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري وغيره.
فإن أردت أن تحوز ثواب صلة الرحم فاصبر على أذى أختك هذه، فإنها من الأرحام الذين تجب صلتهم باتفاق، وتذكر قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وقد جاءه رجل فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.
وقد سبق الحديث عن حرمة القطيعة في الفتوى رقم: 113287.
والخلاصة أن ما كان منك من هجر أختك غير جائز، وكان يمكنك أن تكتفي بتقليل علاقتك بها إذا كنت تتضرر بتصرفاتها، أما أن تقطعها جملة واحدة فهذا لا يجوز خصوصا مع ما جلبه عليك هذا من غضب أبويك وهجرهما لك، والظاهر أن من أسباب ذلك قطيعتك لأختك، فالواجب عليك أن تبادر إلى إصلاح ما فسد بينك وبينها حفاظا على أواصر الرحم وإرضاء لوالديك.
فإن كان ما يفعله والداك معك من جفاء سببه تقصيرك في حق أختك فسيزول هذا إن شاء الله بإصلاح ما بينك وبينها.
أما إن كان الذي يحدث من والديك بلا سبب معتبر، فهذا لا يجوز لأن العدل بين الأولاد واجب على الراجح من كلام أهل العلم، خصوصا في الهبات والعطايا، كما بيناه في الفتوى رقم: 14254.
وفي النهاية ننبهك على أن إساءة الوالدين إلى ولدهما لا تسوغ للولد أن يقابل هذا بمثله، فإن برهما واجب على كل حال، وقد بينا ذلك في الفتاوى التالية: 20947، 16632، 3459.
والله أعلم.