الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن الواجب على هذه المرأة أن تغتسل وتصلي بعد انقطاع الدم، فإن النفاس لا حد لأقله عند الجمهور وحكى الترمذي عليه إجماع أهل العلم، ويبقى النظر في هذا الدم الذي رأته تلك المرأة بعد عملية استئصال الرحم هل هو نفاس أو لا، والذي يظهر والعلم عند الله تعالى أنه لا يكون نفاسا، فإن النفاس هو الدم الذي يرخيه الرحم بعد الولادة، فإن دم النفاس هو دم الحيض احتبس في مدة الحمل.
جاء في الموسوعة الفقهية: صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ حُكْمَ النُّفَسَاءِ حُكْمُ الْحَائِضِ فِي حِل مَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَيَسْقُطُ عَنْهَا. وَذَلِكَ لأَِنَّ دَمَ النِّفَاسِ هُوَ دَمُ الْحَيْضِ، إِنَّمَا امْتَنَعَ خُرُوجُهُ مُدَّةَ الْحَمْل لِكَوْنِهِ يَنْصَرِفُ إِلَى غِذَاءِ الْحَمْل. انتهى.
وقال شيخ الإسلام في شرح العمدة: دم النفاس هو دم الحيض المحتقن في الرحم الفاضل من رزق الولد، فلما خرج الولد تنفست الرحم فخرج بخروجه وحكمه حكم الحيض. انتهى.
وجاء في فتاوى الشيخ عليش: وَيَجْتَمِعُ أَكْدَرُهُ فَيَخْرُجُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ. ا هـ.
فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ دَمَ النِّفَاسِ هُوَ دَمُ الْحَيْضِ بِعَيْنِهِ انْحَبَسَ ثُمَّ خَرَجَ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ بَعْدَهُ، فَمَنْ وَلَدَتْ بِدَمٍ فَقَدْ حَاضَتْ. انتهى.
وهذا صريح في أن دم النفاس هو الدم الذي يرخيه الرحم، فإذا استأصل الرحم تعين أن الدم الخارج ليس هو دم النفاس، وإنما هو دم فساد حكمه حكم الاستحاضة، وعليه فيلزم تلك المرأة أن تقضي تلك الصلوات التي تركتها مدة نزول هذا الدم لأنها دين في ذمتها وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه.
والله أعلم.