الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولا ـ هداك الله ـ أنه لا عذر لمسلم بالغ عاقل في ترك الصلوات الخمس، وأن الإصابة بسلس الريح ليست مسوغا يبيح لك ترك الصلاة المكتوبة، فإن ترك الصلاة المكتوبة عمدا إثم عظيم وذنب كبير أكبر من الزنا والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس بإجماع المسلمين، كما نقله ابن القيم في أول كتاب الصلاة، بل ذهب كثير من أهل العلم إلى كفر من ترك الصلاة ولو كسلا، فحذار حذار أيها الأخ الحبيب من هذه الغائلة الهائلة، وتب إلى ربك توبة نصوحا، ومن الآن فحافظ على الصلوات في أوقاتها ولا تعرض نفسك لسخط الله عز وجل، فإن غضب الله تعالى لا تقوم له السماوات والأرض ـ نعوذ بالله تعالى من غضبه وعقابه ـ وعليك عند جمهورأهل العلم أن تقضي الصلوات التي تعمدت تركها وذلك حسب قدرتك وطاقتك، فإن هذه الصلاة دين في ذمتك لا بد لك من فعلها، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى. متفق عليه. وانظر الفتوى رقم: 25963.
وأما عمّا ذكرته من إصابتك بسلس الريح فقد بيّنّا حكم هذه المسألة مرارا، وخلاصة ما ذكرناه أن المصاب بانفلات الريح إن كان يتوقف خروج الريح منه في أثناء الوقت وقتا يتسع لفعل الطهارة والصلاة فعليه أن ينتظر إلى هذا الوقت ليصلي فيه بطهارة صحيحة، وأما إن كان عذره يستغرق جميع الوقت فإنه يتوضأ بعد دخول وقت الصلاة ويصلي بهذا الوضوء الفرض وما شاء من النوافل، ولا يضره ما خرج منه من الحدث الدائم حتى يخرج وقت الصلاة سواء خرج أثناء الصلاة أو أثناء الوضوء، إلا أن يحدث بحدث آخر، وانظر الفتوى رقم: 26572، وسواء فيما ذكرناه صلاة الجمعة وغيرها إن كان في الوضوء بعد الزوال مشقة عليه في إدراك الجمعة أو يخشى فواتها فإنه يسعه ـ إن شاء الله ـ أن يتوضأ قبل الزوال، عملا بقول من يرى دخول وقت الجمعة قبل الزوال، وكذا من يقول بأن صاحب السلس يجوز له الوضوء قبل دخول الوقت كما هو مذهب المالكية، وانظر لمعرفة ضابط الإصابة بالسلس الفتوى رقم: 119395.
والله أعلم.