الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا غش وخيانة وتعاون على الإثم والعدوان، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ. {الأنفال:27}. وقال: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ. {المائدة:2}. وقال صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.
وليس لذلك المسؤول مسلما كان أوكافرا أن يبيع تلك المعدات إلا وفق شرط الشركة لأنه مجرد وكيل عنها، وما يفعله مع الموظف من تحايل وعرض أسعار وهمية هو من الخيانة للأمانة، وكذا إن كانت الإدارة هي التي تتولى البيع، لكن بناء على ما يعرضه ذلك المسؤول من الأسعار ففعله خيانة وغش لأنه كتم حقيقة الأمر وأخبرهم بخلاف الواقع متواطئا مع ذلك الموظف أو غيره، وهو ضامن للنقص في ثمن تلك السيارات.
قال في الشرح الكبير: فإن تعدى أو فرط ضمن وكذلك سائر الأمناء.
وفي دليل الطالب: فصل: وإن باع الوكيل بأنقص من ثمن المثل أو عن ما قدر له موكله أو اشترى بأزيد أو بأكثر مما قدره له صح وضمن في البيع كل النقص وفي الشراء كل الزائد. اهـ
وعلى الموظف المتواطئ معه أن يتوب إلى الله عز وجل من تلك الأفعال لما فيها من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه ولا يعود إلى ذلك أبدا، و ما كسبه مما اشتراه بتلك الحيلة المحرمة والخيانة الآثمة يعتبر كسبا خبيثا ومالا محرما، وهو ضامن لما وقع من نقص في الثمن لعلمه بتعدي الوكيل فهو مثله في الضمان لأنه حاباه في الثمن، والمحاباة هبة والوكيل لا يملك ذلك وهو على علم بما حصل بل شريك فيه. وللشركة الرجوع على أيهما شاءت.
جاء في التاج والإكليل شرح مختصر خليل: أصله في المدونة أنه يرجع أولا على الواهب إلا أن يعدم فيرجع على الموهوب إلا أن يكون عالما بالغصب فهو كالغاصب في جميع أموره، ويرجع على أيهما شاء فإن لم يرجعوا عليه بذلك صرف مثل قيمة ما حصل من النقص إلى الفقراء والمساكين تخلصا من الحرام ليطيب له ماله ويطهره من تلك الشائبة المحرمة.
وللمزيد انظر الفتويين: 32218، 59428.
والله أعلم.