الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأكل أموال المسلمين بغير وجه شرعي لا يجوز، فقد قال الله تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ {البقرة:188}. فلا يجوز أخذ الثمار من الأشجار المملوكة للغير، إذا كان مالكها لا يبيح للناس الأخذ منها، أما إذا كان ذلك من أرض ليست ملكا لأحد، فيجوز لكل من سبق إليها أن يأخذ ما شاء من نباتها ومن غيره.
أما ما ذكره هؤلاء الشباب من جواز الأكل من هذه الثمار دون حمل شيء منها فهذا خاص بذي الحاجة، لما رواه أبو داود والترمذي عن عبد اللَّهِ بن عَمْرِو بن الْعَاصِ عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سُئِلَ عن الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فقال: من أَصَابَ بِفِيهِ من ذِي حَاجَةٍ غير مُتَّخِذٍ خُبْنَةً - لا يأخذ منه في ثوبه - فلا شَيْءَ عليه، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ منه فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ. قال الترمذي: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
جاء في عون المعبود: فيه دليل على أنه إذا أخذ المحتاج بفيه لسد فاقته فإنه مباح له. اهـ.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة، والراجح هو مذهب الحنابلة، وفي بيانه يقول ابن قدامة في المغني: قال يعني الخرقي: ومن مر بثمرة فله أن يأكل منها ولا يحمل، هذا يحتمل أنه أراد في حال الجوع والحاجة، لأنه ذكره عقيب مسألة المضطر. قال أحمد: إذا لم يكن عليها حائط، يأكل إذا كان جائعا، وإذا لم يكن جائعا، فلا يأكل، وقال: قد فعله غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا كان عليه حائط لم يأكل، لأنه قد صار شبه الحريم. اهـ.
وقال النووي في المجموع: مذاهب العلماء فيمن مر ببستان غيره، وفيه ثمار أو مر بزرع غيره، فمذهبنا أنه لا يجوز أن يأكل منه شيئا إلا أن يكون في حال الضرورة التي يباح فيها الميتة، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وداود والجمهور.
وقال أحمد: إذا اجتاز به وفيه فاكهة رطبة وليس عليه حائط جاز له الأكل منه من غير ضرورة ولا ضمان عليه عنده في أصح الروايتين. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 17384، 67281، 68993، 120577.
والله أعلم.