الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبرّ الوالدين من أعظم الفرائض في الإسلام بعد الإيمان بالله، وقد أمر الله بالإحسان إليهما، ولم يبح مقاطعتهما أو الإساءة إليهما مهما كان حالهما، فقد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك،، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ .{لقمان: 14}.
ولا شك أنّ حرصك وإخوتك على إرضاء أبيكم وبرّه هو علامة خير، لكن ما كان منك من تهديدك لوالدك فهو غير جائز، ويجب عليك أن تتوب إلى الله من ذلك وتستسمح والدك، ولا يجوز لك أن تخاطبه بغلظة وسوء أدب مهما كان حاله.
وأمّا عن طلب أبيكم أن تسكنوا معه وتتركوا أمّكم، فاعلم أنّ الأولاد الصغار دون سنّ التميّز حضانتهم لأمّهم ما لم يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم: 9779. وأمّا الأولاد الكبار فالراجح من مذاهب العلماء أنّهم يخيّرون في الإقامة عند أبيهم أو أمّهم، وانظر الفتوى رقم: 50820.
وعلى هذا، فمن حقّكم أن تختاروا الإقامة مع أمّكم، مع الحرص على برّ أبيكم والإحسان إليه بما تقدرون عليه من زيارته، وتفقد أحواله وقضاء حوائجه، وطاعته في المعروف.
ثم اعلم أنكم إن التزمتم حدود الله في معاملة أبيكم، فإنه لا يضركم دعاؤه عليكم أو عدم رضاه عنكم، لكن عليكم بالاجتهاد في طلب رضاه ونصحه برفق وأدب.
والله أعلم.