الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الله بالإحسان إلى الوالدين، ولم يبح مقاطعتهما أو الإساءة إليهما مهما كان حالهما، فقد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ. {لقمان: 14}.
فالواجب عليك بر والدك والإحسان إليه وطاعته في المعروف، ولا ينافي ذلك بغضك لما هو عليه من المنكرات لاسيما تركه للصلاة، فإن الصلاة أعظم الفرائض بعد الإيمان بالله ولا حظ في الإسلام لمن تركها، وكذلك التعامل بالربا فهو من أكبر الكبائر ومما يوجب اللعن ومن أسباب غضب الله، ومحق البركة، وإذا كان ينفق عليك من أموال الربا فلا يحل لك الانتفاع بذلك ما لم تضطر إليه، وأما إذا كان ينفق من مال يختلط فيه الحرام بالحلال، فالأولى لك ترك الانتفاع بماله إذا كنت تقدر على التكسب وتنفق على نفسك، وانظر الفتوى رقم: 53840.
لكن ينبغي ألا تبغضه لشخصه، وأن يتسع قلبك رحمة له، وتحب له الهداية والتوبة، فإن المؤمن لا يكره العاصي لذاته، وإنما يكرهه لما تلبس به من المعصية.
قال ابن القيم في مشاهد الناس في المعاصي: أن يقيم معاذير الخلائق وتتسع رحمته لهم مع إقامة أمر الله فيهم، فيقيم أمر الله فيهم رحمة لهم لا قسوة وفظاظة عليه. اهـ من طريق الهجرتين.
فإذا كان ذلك مع عامة الناس فهو بلا شك مع الوالد أولى، فعليك أن تنصحه بالرفق، وتستعين بمن ينصحه ممن يقبل نصحه، ولا تدخر وسعا في كل ما يذكره بالله ويخوفه العاقبة، ويأخذ بيده إلى طريق الطاعة والهداية، وعليك أن تجتهد في الدعاء له بالهداية.
والله أعلم.