الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمرنا الله تعالى بالإعراض عن سماع الكفر والاستهزاء بالدين، فقال تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. {الأنعام:68}.
قال الطبري: خوضهم فيها كان استهزاءَهم بها وسبَّهم من أنزلها وتكلم بها وتكذيبهم بها. اهـ.
ونهانا الله تعالى عن القعود في مثل هذه المجالس فقال: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ. {النساء:140}.
قال الطبري: أنتم إن لم تقوموا عنهم في تلك الحال مثلُهم في فعلهم، لأنكم قد عصيتم الله بجلوسكم معهم وأنتم تسمعون آياتِ الله يكفر بها ويستهزأ بها، كما عصوه باستهزائهم بآيات الله. فقد أتيتم من معصية الله نحو الذي أتَوْه منها، فأنتم إذًا مثلهم في ركوبكم معصية الله، وإتيانكم ما نهاكم الله عنه. اهـ.
فالمثلية في هذه الآية ليس لتسوية المستمع للكفر بالمتكلم به من كل وجه، وإنما هي المماثلة في كونهما جميعا خالفا أمر الله وركبا معصيته.
وعلى ذلك فليس مجرد سماع مثل هذه المسلسلات المذكورة في السؤال كفرا مخرجا من الملة يعد صاحبه مرتدا، إلا إن كان المستمع مقرا بما يسمع معتقدا إياه أو راضيا به. أما الاستمتاع بذلك أو بغيره من المعاصي عموما فليس كفرا إلا إن استحله صاحبه والعياذ بالله.
فعلى السائلة الكريمة أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا من سماعها ومشاهدتها لهذه المسلسلات، وتتبع سيئاتها بالحسنات الماحيات، وتجتهد في أنواع الطاعات، فقد قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ. {هود:114}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وحسنه الألباني.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 721، 110559، 118350.
والله أعلم.