الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي ينبغي على هذه المرأة إذا أرادت الغسل من الحيض أن تأخذ قطعة من قطن أو نحوه فتضع عليها شيئا من المسك أو غيره من الطيب فتتتبع به أثر الدم، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، وهذا مستحب لا واجب، فإن لم تفعل وغسلت هذا الموضع بالماء كفاها الماء في التطهير.
قال العلامة البهوتي الحنبلي في كشاف القناع مبينا ما يستحب للحائض عند الغسل من الحيض: ويسن في غسل حيض ونفاس سدر ) لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: إذا كنت حائضا خذي ماءك وسدرك وامتشطي. وروت أسماء أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل الحيض فقال: تأخذ إحداكن ماءها وسدرها فتطهر. الحديث رواه مسلم. والنفاس كالحيض ( و ) يسن أيضا ( أخذها مسكا إن لم تكن محرمة فتجعله في فرجها في قطنة أو غيرها ) كخرقة ( بعد غسلها ليقطع الرائحة ) أي رائحة الحيض أو النفاس لقوله صلى الله عليه وسلم لأسماء لما سألته عن غسل الحيض: ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها. رواه مسلم من حديث عائشة.
والفرصة القطعة من كل شيء ( فإن لم تجد ) مسكا ( فطيبا ) لقيامه مقام المسك في ذلك ( لا لمحرمة ) فإن الطيب بأنواعه يمتنع عليها لما يأتي في الإحرام ( فإن لم تجد فطينا ولو محرمة فإن تعذر فالماء ) الطهور ( كاف ) لحصول الطهارة به. انتهى.
وقال الحافظ في الفتح: قال النووي: والمقصود باستعمال الطيب دفع الرائحة الكريهة على الصحيح، وقيل لكونه أسرع إلى الحبل حكاه الماوردي، قال: فعلى الأول إن فقدت المسك استعملت ما يخلفه في طيب الريح وعلى الثاني ما يقوم مقامه في إسراع العلوق، وضعف النووي الثاني وقال: لو كان صحيحا لاختصت به المزوجة قال وإطلاق الأحاديث يرده، والصواب أن ذلك مستحب لكل مغتسلة من حيض أو نفاس ويكره تركه للقادرة فإن لم تجد مسكا فطيبا فإن لم تجد فمزيلا كالطين وإلا فالماء كاف. انتهى.
وتصريح العلماء بأن استعمال المسك ونحوه مستحب وأن الحكمة من استعماله هي قطع الرائحة يدل على أن بقاء أثر تلك الرائحة في الموضع لا أثر له، وإن كان الأولى قطعه باستعمال الطيب من المسك ونحوه، فإذا اقتصرت المرأة على الماء فغسلت به الموضع غسلا جيدا كفاها ذلك في التطهير كما بينا.
والله أعلم.