الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصيغة المذكورة فيها عبارات قد يحتمل معنى باطلا كقوله ـ السّرّ السّاري في جميع الوجود بعدد تجلّيات الله في الوجود ـ وقوله ـ حتى لا يبقى لدينا في الوجود إلاّ وجودك ـ فهذه العبارات قد يفهم منها القول بوحدة الوجود، وإن كنا نظن أن الداعي يقصد منها معنى صحيحا، لأن المتعين هو حمل كلامه على أحسن المحامل مادام يمكن حمله على وجه صحيح، ولكن لما كانت تحتمل معنى باطلا كان الأولى هو اجتنابها فإن من هدي شرعنا الحنيف إبعاد أتباعه عن قول ما يوهم ظاهره معنى باطلا.
وأما إن كان الداعي يؤمن بوحدة الوجود، فقد سبق الكلام عنها في الفتوى رقم: 11542.
ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا تقاس بالعبارات المنمقة المتكلفة، وإنما تقاس بمدى اتباعه، فإن أكثر الناس حبا للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماً له هم الصحابة رضوان الله عليهم، ومع ذلك لم يؤثر عنهم مثل ذلك التفنن والتصنع، وإنما لما نزل الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم طلبوا منه أن يعلمهم كيفية الصلاة عليه، فعلمهم أفضل الكيفيات في الصلاة عليه، وقد سبق بيانها في الفتوى رقم: 5733.
وبناء عليه، فإن الأولى بالمسلم اتباع السلف والالتزام بالمأثور وعدم الإحداث في مجال العبادات، ثم إنه قد جوز أهل العلم الإتيان بغير الصيغة التي علمها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه، واستدلوا لذلك بإقراره للصحابة الذين كانوا يلبون بألفاظ أخرى غير التلبية التي لبى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن محل هذا إذا صلى بما لا محذور فيه، ولم يعتقد أن ما أتى به سنة أو التزمها ودوام عليها فصيرها سنة، وبهذا يعلم أنه لا بأس بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة المذكورة في السؤال بالشروط التي ذكرت، وإن كان الأولى اجتنابها والتزام ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.