الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء ننصحك أيها السائل بأن تبذل جهدك في الاجتماع بأسرتك، فإما أن ترجع أنت لبلدك، وإما أن تستقدمهم إليك في موطن عملك، لأن في بُعد الرجل عن بيته مفاسد عظيمة منها ضياع الأولاد، وضعف أواصر المحبة والترابط بين أفراد الأسرة، بالإضافة إلى أن غياب الزوج عن زوجته فترة طويلة غير مستحب شرعاً، وقد يكون محظوراً إذا لم ترض به الزوجة.
وأما ما تفعله زوجتك من الخروج إلى بيت أهلها في غير الأوقات التي حددتها لها دون علمك ولا إذنك فهذا حرام وهو من النشوز، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 36830 .
وأيضاً فإن ما تقوم به من ضرب أولادك ضرباً مبرحاً أمر لا يجوز، بل إن ضرب الطفل في هذه السن المذكورة -ثلاث سنوات- ضرباً مبرحاً لهو محض عدوان عليه وظلم له، صحيح أن الشارع قد أباح للوالدين ضرب ابنهما تأديباً سواء على فعل الواجبات أو ارتكاب المخالفات، ولكن ذلك مقيد بكون الضرب خفيفاً غير مبرح، وألا يكون في السن المبكرة التي لا يدري الطفل فيها معنى العقاب أصلاً، وقد بينا ضوابط ضرب الأولاد في الفتويين: 123698، 123464.
وإنا لنوصيك بالصبر على زوجتك ومحاولة استصلاحها، والمداومة على تذكيرها بحق الله وبحق الزوج، مع الإكثار من الدعاء والتضرع أن يصلح الله لها الحال والبال. وما تريده من الزواج بثانية فلا حرج عليك فيه سواء مع نشوز زوجتك أو حتى مع عدم نشوزها.
وأما ما تخشاه من ترك العدل بين زوجتيك بسبب بغضك للأولى فنقول: لا شك أن العدل بين الزوجات واجب متحتم على الرجل لا يسعه تركه، فإن لم تكن واثقاً من القدرة على العدل فيما يجب العدل فيه فلا تعدد.
وأما عن امتناعك عن كلامها فهذا جائز إن غلب على ظنك أنها ستنزجر بذلك، فقد هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهراً. جاء في فتح الباري لابن حجر: وقد ذكر الخطابي أن هجر الوالد ولده والزوج زوجته ونحو ذلك لا يتضيق بالثلاث، واستدل بأنه صلى الله عليه وسلم هجر نساءه شهراً، وكذلك ما صدر من كثير من السلف في استجازتهم ترك مكالمة بعضهم بعضاً مع علمهم بالنهي عن المهاجرة. انتهى. ولكن الظاهر أن هجرك لزوجتك خصوصاً مع غيابك عنها لن يكون مؤثراً، بل ربما زادها تمرداً وعصياناً وعنفاً على الأولاد فالأولى تركه.
والله أعلم.