الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالغيبة محرمة بالكتاب والسنة والإجماع كما بينا في الفتوى رقم: 6710.
والأبناء والأقرباء كالعمات والخالات ونحوهم لا يجوز ذكرهم بما يكرهون، فإذا ذكرتموهم بما يكرهون فقد اغتبتموهم، وكونهم أبناء أو أقارب لا يجعلهم بلا حرمة، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ. رواه مسلم.
ومجرد التنفيس عن الهم أو الضيق وجلب راحة مؤقتة للنفس لا يسوغ غيبة الأبناء والأقارب في غير الحالات التي استثناها العلماء، والتي يباح فيها ذكر الغير بما يكره لمصلحة معتبرة شرعا، والتي سبق بيانها في الفتوى رقم : 6710.
وإن كانت الشكوى من الأبناء أو الأقارب نتيجة لظلم وقع منهم فيدخل هذا في باب التظلم، وقد أباح الله للمظلوم أن يجهر بالقول السيئ ليشفي غضبه.
قال العلامة ابن عاشور رحمه الله في تفسير قوله الله تعالى: لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا. {النساء:148}. قال: ورخص الله للمظلوم الجهر بالقول السيئ ليشفي غضبه حتى لا يثوب إلى السيف أو إلى البطش باليد، ففي هذا الإذن توسعة على من لا يمسك نفسه عند لحاق الظلم به. انتهى.
وكذا تجوز الغيبة إذا كانت لطلب المشورة، أو الاستفتاء للوصول إلى حل لمشكلاتهم، وكذا إذا ذكركم الأقارب بصفات قبيحة كالبخل والتقصير في حقهم، وأشاعوا هذا عنكم وسط الناس فلكم الدفاع عن أنفسكم بشروط ذكرناها في الفتاوى التالية أرقامها فراجعها: 6082، 6710، 19844، 65117.
وننصحكم بالصبر على الأبناء والأقارب ومحاولة نصحهم وتقويمهم بالطرق الشرعية والتربوية، ففي هذا الصبر أجر عظيم ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ.
وقد سبق بيان أن الصبر على الأرحام ووصلهم أفضل للمؤمن في الفتوى رقم : 4417فلتراجع.
والله أعلم.