الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت الفوائد والأرباح التي تحصل عليها تلك المرأة من ذلك المال نتيجة استثماره في أمور مباحة، بأن كان البنك إسلاميا وبينها وبينه عقد على أن يستثمر لها مالها، فلا حرج عليها في الانتفاع بتلك الأرباح، وهو ما يسمى بالوديعة الاستثمارية ونحوها وهو داخل في باب المضاربة.
وأما إن كان المال في بنك ربوي فيجب سحبه منه، وإيداعه في بنك إسلامي إن وجد أو أمكن حفظه بأي وسيلة أخرى مشروعة، فإن لم يمكن ذلك وتعين البنك الربوي لحفظه فليحفظ في حساب جار إن أمكن، وإن لم يوجد لحفظه إلا حساب توفير، فالواجب أن يتخلص من فوائده منها بصرفها في مصالح المسلمين ودفعها إلى الفقراء والمساكين، ولا يجوز الانتفاع بها إلا في حالة الفقر، ومن له نقود تكفيه ليس فقيرا كما هو معلوم، قال النووي نقلا عن الغزالي: وله أن يتصدق به أي بالمال الحرام على نفسه وعياله إذا كان فقيرا، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيه، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله أن يأخذ قدر حاجته، لأنه أيضا فقير. انتهى.
وقال النووي معلقا على قول الغزالي: وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب، وهو كما قالوه. انتهى.
وأما ما كانت قد استعملت من تلك الفوائد المحرمة وهي جاهلة بحرمته فإنما تجب التوبة منه بالندم عليه ولا يلزم التصدق بمثله على الراجح، لعموم قوله تعالى: فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ {البقرة: 275}.
قال أبوحفص الدمشقي في اللباب ـ فَلَهُ مَا سَلَفَ ـ أي : كلُّ ما أكل من الرِّبا وليس عليه ردُّه، فأمَّا ما لم يقضَ بعد فلا يجوز له أخذه، وإنما له رأس ماله فقط، كما بيَّنه تعالى في قوله: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ.
وهو الذي أفتت به اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية.
وأما إن كانت عالمة بحرمته فعليها أن تتصدق بمثله، كما بينا في الفتوى رقم: 32762، وإذا كانت غنية وتصدقت بكل ما أخذته من فوائد ربوية مع جهلها بالحرمة فهو الأولى لها، مراعاة لمن يقول بذلك من أهل العلم واحتياطا للدين وإبراء للذمة.
ولا تترك الفوائد للبنك لما في تركها لديه من تقويته وإعانته على منكره وباطله، وللمزيد حول ما ذكر انظري الفتاوى التالية أرقامها: 5942 ، 28329،14230 .
والله أعلم.