الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أمر الله بصلة الرحم ونهى عن قطعها، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. متفق عليه.
وإذا كان إخوتك قد أساءوا إليك وإلى أصهارك فقد أخطأوا، لكن عليك صلتهم بالمعروف، فقد أوصانا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بصلة من يقطعنا أو يسيء إلينا، فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه مسلم. تسفّهم الملّ : تطعمهم الرماد الحار.
وأمّا عن حكم صيامك مع مقاطعتك لإخوتك ، فلا تؤثّر المقاطعة في صحة الصيام، لكن تؤثر على ثواب الصيام، وتفوّت عليك خيراً كثيراً إذا كان الهجر والقطيعة منك، فعن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِى كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ اترْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا اترْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. رواه مسلم.
وننبّه إلى أنّ حفلات الأعراس لا يجوز أن تشتمل على اختلاط بين الرجال والنساء الأجانب ، ولا يجوز تصوير النساء إذا كانت الصور عرضة لنظر الرجال الأجانب، وراجع الفتوى رقم: 111143.
واعلم أنّ العفو عن المسيء سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، وهو يزيد المسلم عزاً وكرامة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: . وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا.
كما أنّ صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.
والله أعلم.