ليس الواصل بالمكافئ

16-8-2009 | إسلام ويب

السؤال:
عندي سؤال خاص بصلة الرحم: فأنا شاب ولدي عدد من الإخوة ـ والحمد لله ـ وأنا أصغرهم وقد مكثت عددا من السنين أبحث عن زوجة نظرا لظروف عملي في إحدى الدول الأوربية ـ والحمد لله ـ قد من الله علي بها وقد استمرت فترة الخطبة عاما ونصف العام، ولم أجد أنا وأهلي إلا كل خير منها هي وأهلها و لم يخطئوا أو يقصروا يوما في حق أهلي من زيارة مريض أو هدية لمناسبة على عكس ما كان يفعل أهلي معهم، وقبل إتمام الزواج بدأ إخوتي يتصرفون تصرفات غريبة لعدم إتمام الزواج: يسألونني عن المؤخر والقائمة، وهل أهل زوجتي أنتهوا من شراء الأثاث أم لا؟ كل التفاصيل وأنا أجيب على أسئلتهم حتى امتنعت أختي أيضا من الاتصال بخطيبتى، وأخ آخر يقول لي اكتب كتابك وأجل الزفاف 6 شهور، وكأنهم لا يريدون لي أن أتزوج، رغم أن كل شخص منهم متزوج ولديه وأولاد والبعض ليس لديه أولاد ـ وربنا يرزقهم إن شاء من فضله ـ وكانوا على علم بتفاصيل موعد الزفاف ومكانه قبل أن يتم ذلك بشكل رسمي وأكدت عليهم كلهم تلك المواعيد أكثر من مرة قبل نزولي حتى جاء يوم كتب الكتاب، فواحد منهم لم يحضر ولم يحضر الفرح أيضا ولم يعتذر، رغم أنه من هواة حضور الأفراح لأي شخص، رغم أنه كان يفرح بقدومي كل إجازة هو وأولاده وبالهدايا التي أجلبها لهم حتى إخوتي الذين حضروا كان الحزن واضحا على وجوههم، وفى اليوم التالي ليوم الزفاف أتى ثلاثة من إخوتي أحدهم أخي الأكبر فطلب الكاميرا التي قد أحضرتها معي لالتقاط اللحظات السعيدة لكي يصور بها، وبدلا من أن يصور بها وضعها فى جيبه فطلبتها منه فطلب أن يأخذها لنفسه فرفضت ـ بذوق ـ وبعد انتهاء الحفل توجهنا لركوب السيارات لنتوجه لشقة الزوجية ـ وهى خارج القاهرة ـ ولم يخبرني أحد أنه سيأتي ليوصلني، وفى العادة أعلم أن أهل العروس يوصلونها دون دخول الشقة، وأثناء الطريق أخبرني أخو زوجتي وهو يستقل سيارة أخرى أن أخاك كان يتصل على المحمول وعندما حاول هو الاتصال به لم يرد، وقال لى إنه كان على الطريق معنا وفقدنا أثره فانتظرنا على الطريق قليلا ثم دخلنا ـ بنزينة لنمون السيارات ـ ثم واصلنا الطريق وعندما أوصلنا الشقة أهل زوجتي ودعوها ووصوني عليها وانصرفوا، وبدأت أتفرج على الشقة بعد فرشها وطريقة ترتيب الأثاث بها، ثم بدأنا في تبديل ملابسنا، وبعدها فوجئنا بجرس الباب يدق بطريقة مفظعة ومستمرة يليها صوت عال: يسب ويشتم، أسرعت زوجتي بارتداء ملابسها فوجدت أمها أمام الباب وأخي الأكبر وزوجته وأختي قد نزلوا ليكملوا إهانة أهل زوجتي بالشارع، انتهيت من ارتداء ملابسي ونزلت وكان قد ركب سيارته وانصرف ووجدت الجيران يتفرجون من الشبابيك على ذلك المسلسل المهين والفضائح التي قام بها أخي الأكبر والذي هو في مقام أبى، هل ما فعله بي من تعاليم الإسلام؟ مع العلم أنه كل عام يحج أو يعتمر مع زوجته وقد خذلني سابقا مع خطيبة أخرى، صعدت إلى الشقة وأنا في حالة ذهول وانتابتنى حالة من البكاء الشديد لم أصدق أن إخوتى قد يفعلون بى ذلك، أنا لم أقدم لهم غير كل خير على مدى 7 سنوات متواصلة دون أى كلل: هدايا وأموال وهم ـ والحمد لله ـ من ميسوري الحال، لم فعلوا بي هذا؟ أنا لا أستحق ولم أنتظر منهم هدايا أو مالا انتظرت الفرحة لي وليس الفضائح، هل معاملتي لهم هي السبب؟ قد طمعتهم في بإرسال النقود لأختي المتزوجة من شخص ميسور وتعمل هي أيضا، قد اعتادوا مني أن يأخذوا دون أن يعطوا حتى في الاتصال أنا من يتصل بهم وهم لا يحاولون أن يتصلوا بي، وأنا من أبادر بصلح من أخطأ في حقي، والآن انتهت إجازتي وسافرت لعملي ولم يسأل أحد منهم عني ولا أريد من أحد شيئا، ولكن سؤالي عن غضب ربنا وعن صلة الرحم، وهل تكون صلة الرحم من طرف واحد: أي شخص واحد هو الذي يقوم بها؟ هل يصح صيامي في حالة استمرار الوضع هكذا بيني وبين إخوتي؟.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أمر الله بصلة الرحم ونهى عن قطعها، فعن جبير بن مطعم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ. متفق عليه.

وإذا كان إخوتك قد أساءوا إليك وإلى أصهارك فقد أخطأوا، لكن عليك صلتهم بالمعروف، فقد أوصانا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بصلة من يقطعنا أو يسيء إلينا، فعن عبد الله بن عمرو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا. رواه البخاري.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فَقَالَ: لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ. رواه مسلم. تسفّهم الملّ : تطعمهم الرماد الحار.

وأمّا عن حكم صيامك مع مقاطعتك لإخوتك ، فلا تؤثّر المقاطعة في صحة الصيام، لكن تؤثر على ثواب الصيام، وتفوّت عليك خيراً كثيراً إذا كان الهجر والقطيعة منك، فعن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: تُعْرَضُ الأَعْمَالُ فِى كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلاَّ امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ اترْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا اترْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. رواه مسلم.

وننبّه إلى أنّ حفلات الأعراس لا يجوز أن تشتمل على اختلاط بين الرجال والنساء الأجانب ، ولا يجوز تصوير النساء إذا كانت الصور عرضة لنظر الرجال الأجانب، وراجع الفتوى رقم: 111143.

واعلم أنّ العفو عن المسيء سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، وهو يزيد المسلم عزاً وكرامة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: . وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا.

كما أنّ صلة الرحم من أسباب البركة في الرزق والعمر، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. متفق عليه.

والله أعلم.

www.islamweb.net