الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت أمّ زوجك تسبّك وتسيء إليك دون مسوّغ فهي ظالمة، والواجب على زوجك أن يوازن بحكمة بين برّ والدته وعدم ظلمه لزوجته وتضييقه عليها، وعليه أن يعاشر زوجته بالمعروف ويحسن إلى أهلها،أمّا دخول أمّ زوجك إلى شقتك دون استئذان فهو غير جائز، لما فيه من الاطلّاع على العورات، ولمنافاة ذلك لحقّك في السكن المستقل، وينبغي لزوجك أن ينصحها في ذلك برفق، أمّا عن حقّها في ماله فلها أن تأخذ منه ما تحتاج إليه لنفسها، لكن إذا أعطاها زوجك ما تريده ممّا لا يضرّ به فهو من الإحسان إليها ، وليس لك الاعتراض على ذلك ما دام زوجك ينفق عليك بالمعروف ، وكلّ ما لا يضرّ زوجك إعطاؤه لأمّه فالأولى أن يعطيها حتى ترضى .
جاء في الفروق للقرافي: قِيلَ لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِي وَالِدَةٌ وَأُخْتٌ وَزَوْجَةٌ فَكُلَّمَا رَأَتْ لِي شَيْئًا قَالَتْ : أَعْطِ هَذَا لِأُخْتِك، فَإِنْ مَنَعْتُهَا ذَلِكَ سَبَّتْنِي وَدَعَتْ عَلَيَّ؟ قَالَ لَهُ مَالِكٌ: مَا أَرَى أَنْ تُغَايِظَهَا وَتَخْلُصَ مِنْهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ أَيْ وَتَخْلُصَ مِنْ سَخَطِهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ. أنوار البروق في أنواع الفروق.
ولا شكّ أنّ حرص زوجك على برّ أمّه من علامات صلاحه، فينبغي أن تشجعّيه على ذلك، فذلك ممّا يعود عليكم بالخير في الدنيا والآخرة، واعلمي أن من حسن عشرة الزوجة لزوجها، إحسانها إلى أهله وتجاوزها عن زلّاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، و ذلك من حسن الخلق الذي يثقّل الموازين يوم القيامة، كما أنه مما يزيد من محبة الزوج واحترامه لزوجته، وراجعي الفتوى رقم: 60257.
وننبّه السائلة إلى أنّ مقاطعة أهلك لك لا تبيح لك مقاطعتهم ولا سيمّا والداك، فعليك برّهم وصلتهم بما تقدرين عليه.