الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دمت قد عهدت من أمّ زوجك حسن المعاملة وجميل المعاشرة، فالواجب عليك أن تحسني الظنّ بها ويتعين حمل ما يظهر منها على أحسن الوجوه، ولا يجوز لك اتهامها بشيء من غير بيّنة، واعلمي أنّ ما يقوم به هؤلاء الناس الذين ينقلون إليك كلام أم زوجك عنك هو من النميمة المحرمة فلا تصدقيهم فيما ينقلون إليك وحذريهم من عقوبة النميمة وانصحيهم بتركها، وانظري في واجب المسلم نحو الشخص النمّام الفتوى رقم :112691.
أمّا عن حقّ أمّ زوجك في ماله فليس من حقّها أن تأخذ منه إلّا ما تحتاج إليه لنفسها، وإذا منعها ممّا لا تحتاجه أو سيتضرّر هو بإعطائه لها فلا إثم عليه، لكن إذا أعطاها ما تريده فهو من الإحسان إليها، وليس لك الاعتراض على ذلك ما دام زوجك ينفق عليك بالمعروف، وكلّ ما لا يضرّ زوجك إعطاؤه لأمّه فالأولى أن يعطيها حتى ترضى، جاء في الفروق للقرافي: قِيلَ لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لِي وَالِدَةٌ وَأُخْتٌ وَزَوْجَةٌ فَكُلَّمَا رَأَتْ لِي شَيْئًا قَالَتْ: أَعْطِ هَذَا لِأُخْتِك فَإِنْ مَنَعْتُهَا ذَلِكَ سَبَّتْنِي وَدَعَتْ عَلَيَّ، قَالَ لَهُ مَالِكٌ: مَا أَرَى أَنْ تُغَايِظَهَا وَتَخْلُصَ مِنْهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ أَيْ وَتَخْلُصَ مِنْ سَخَطِهَا بِمَا قَدَرْت عَلَيْهِ. أنوار البروق في أنواع الفروق - 2 ـ 93ـ
ولا شكّ أنّ حرص زوجك على برّ أمّه من علامات صلاحه فينبغي أن تشجعّيه على ذلك، وأبشري ببركة برّه بأمّه فإنّه ممّا يعود عليكم بالخير في الدنيا والآخرة، واعلمي أن من أسباب حسن العشرة بين الزوجين إحسانها إلى أهله وتجاوزها عن زلّاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، وذلك من حسن الخلق الذي يثقّل الموازين يوم القيامة، كما أنه مما يزيد من محبة الزوج واحترامه لزوجته.
والله أعلم.