الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر الشيخ الأمين الشنقيطي في أضواء البيان: أن الأظهر في الاستثناء المذكور في قوله تعالى: إلا ما قد سلف، أنه استثناء منقطع فيكون المعنى لكن ما سلف من ذلك قبل نزول التحريم فهو عفو، لأنه على البراءة الأصلية ثم إن العفو عما قبل العلم بالتحريم ينقطع عند الكل إذا علم الإنسان بالحكم الشرعي في المسألة، ويجب التفريق بين المتزوجين زواجا محرما متى تم الاطلاع على ذلك، هذا بإجماع أهل العلم.
وأما قوله تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم، فقد قرأ: أبو جعفر والكوفيون ما عدا شعبة بضم الهمزة وكسر الحاء، وقرأ الباقون بفتحهما، كذا قال الجزري في التحبير، ففي القراءة الأولى بني الفعل لما لم يسم فاعله مطابق قوله تعالى في بداية البيان للنساء المحرمات.
وفي القراءة الثانية أسند الفعل للمعلوم وفاعله ضمير يرجع إلى الله وأحل معطوف على الفعل المقدر في قوله ـ كتاب الله عليكم ـ أي كتب الله عليكم وأحل لكم، ومن المعلوم أن التحليل والتحريم مسند لله تعالى، وراجع تفسير الشوكاني وشرح ابن شامة للشاطبية، ثم إنه لا أثر أبدا لخلاف القراء في الآية على الأحكام الشرعية فالحكم واحد.
والله أعلم.